أخبرنا الله - عزَّ وجلَّ - أن له دعوة الحقِّ، ودعوة الحقِّ دعوة التوحيد القائمة على: لا إله إلا الله، والذين يدعون من دون الله الآلهة من الأصنام والأوثان وغيرهم لا تستجيب هذه الأصنام لدعوتهم {إلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إلَى المَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ ومَا هُوَ بِبَالِغِهِ} إلا كالذي يقف في أعلى البئر أو النهر ويبسط كفيه إلى الماء، يريد أن يصعد الماء إلى فمه، وليس في الماء خاصية أن يصعد إلى أعلى، ويستجيب إلى ما يريده الإنسان، ولذلك قال:{ومَا هُوَ بِبَالِغِهِ} أي: لن يصعد الماء إلى فمه، وكذلك هذه الآلهة التي يدعونها من دون الله تعالى، لا تسمع دعاءهم، ولا تجيب نداءهم، {ومَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إلاَّ فِي ضَلالٍ} أي: وما دعاء الكافرين إلا في ضياع، فالآلهة التي يدعونها لا تسمع ولا تجيب، ودعاء الكافرين بذلك يكون ضائعًا.
وأخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى - أنه {ولِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ طَوْعًا وكَرْهًا وظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ والآصَالِ}[الرعد: ١٥] أخبرنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنَّه يسجد له من في السموات والأرض طوعًا، وهؤلاء هم الملائكة ومؤمنو الأنس والجنِّ، {وكَرْهًا} وهم الكفار والمنافقون في حالات الخوف والاضطرار،