بقوله:{إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} لرؤوف رحيم بكم, ومن أجل ذك سخر لكم هذه الأنعام.
ثم أخبرنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنَّه سخَّر لنا {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٨]. فالخيل والبغال والحمير تستعمل لأمرين: الأول: ركوب بني آدم لها. والثاني: أنَّ في اقتنائها وركوبها زينةً يستمتع بها أصحابها, وقوله تعالى:{وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} أي: من الوسائل التي يركبها العباد, ويتخذونها زينة, وقد يسَّر الله للبشر اختراع السيارات والطيارات (والقطارات) , وطوروا السفن, وسيخترع البشر أنواعاً أخرى لمزيد من الانتفاع بها.
وقوله تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ}[النحل: ٩]. ذكر الله تعالى الحيوانات من الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير, وذكر ما فيها من المنافع, ثمَّ ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه, فبيَّن أنَّ منها السبيل القاصدة, وهي الطريق الموصلة إليه, وهي طريق الحقِّ, وهي متمثلة في دين الإسلام الذي سلكه أنبياؤه ورسله وأتباعهم, {وَمِنْهَا جَآئِرٌ} وهذا شامل للطرق الضالة كلها, وهي اليهودية والنصرانية والبوذية والهندوسية والمجوسية والشيوعية, وغيرها من طرق الضلال والغواية, وأعلمنا ربُّنا في خاتمة الآية أنه لو شاء لهدانا أجمعين, ولكنَّه قضى بتدبيره وحكمته أن نكون مختلفين.