نهى الله تبارك وتعالى عن اتخاذ إلهين اثنين, ثم أثبت أنَّ الإلهية منحصرة في إلهٍ واحدٍ, وهو الله سبحانه, ثمَّ أمر الله سبحانه بالخوف منه وحده {فإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} أي: ولا تخافوا المعبودات الباطلة التي كان يعبدها المشركون.
وقوله تعالى: {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النحل: ٥٢] أي: هو مالكهما وخالقهما سبحانه, {وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا} [النحل: ٥٢] أي: الدينونةُ لله ربِّ العالمين, وقوله: {وَاصِبًا} , أي: دائماً, ومنه قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ} [الصافات: ٩] أي: دائمٌ.
وقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ} [النحل: ٥٢] أغير الله تتقون عذابه وعقابه؟ ثم قرر ربُّ العزَّة في خطابه عباده أنَّ كلَّ النعم التي تحيط بنا هي من ربِّنا وحده سبحانه, {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]. والنعم قد تكون دينية, وهي معرفة الحقِّ والعمل به, وإما دنيوية نفسانية أو بدنية, أو هي خارجية وهي تتمثل في الأولاد والأزواج والزروع والحرث ومتاع الدنيا, ونعم الله تعالى تحتاج إلى شكر.
وقوله: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: ٥٣] , أي: إذا أصابتنا المصائب, ونزلت بنا الدوائر, فإلى الله تعالى نجأر, أي: ترفعون أصواتكم مستغيثين به سبحانه متضرعين له, لعلمكم أنَّه وحده الذي يستطيع رفع الضرِّ عنكم.
وأخبرنا عن حال الكفار إذا رفع الضر عنهم, فقال: {ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} [النحل: ٥٤]. أي: إذا رفع ربُّ العزَّة