ونهى الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يخافت بصلاته , أو يجهر بها , أي: بقراءته القرآن {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذالِكَ سَبِيلاً} أي: عليك بطريق وسط بين الجهر والمخافتة.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} , قال: نزلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختفٍ بمكَّة , كان إذا صلَّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن , فإذا سمع المشركون سبُّوا القرآن , ومن أنزله , ومن جاء به , فقال الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ} أي: بقراءتك , فيسمع المشركون , فيسبُّوا القرآن {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}: عن أصحابك , فلا تُسمِعهم {وَابْتَغِ بَيْنَ ذالِكَ سَبِيلا} [البخاري: ٤٧٢٢: ومسلم: ٤٤٦].
وقوله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: ١١١]. أمر الله - تبارك وتعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يحمده سبحانه , لأنَّه اتصف بثلاث صفاتٍ , الأولى: أنَّه لم يتخذ ولداً , وحمده سبحانه لاتصافه بهذه الصفة يدلُّ على مدة الجرم الذي وقع فيه الذين نسبوا إليه الولد , فالنصارى قالوا: عيسى ابن الله , والعرب قالت: الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى عما يقولونه علواً كبيراً - والثانية: أنه ليس له شريك في الملك , فالله - تعالى - خالق السموات والأرض وحده , لم يشركه في ذلك أحد سبحانه. والثالثة: أنَّه {وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلَّ} أي: أنه لا يحتاج إلى أحدٍ يتولاه ويعينه على أمر نفسه , ولا تدبير أمر غيره.
وقوله تعالى: {وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} أي: عظِّمه تعظيماً , ومن ذلك قول العبد: الله أكبر , أو قوله , الله أكبر كبيراً , ونحو ذلك.
* * *