وهذه الآية تدل على أن بعض الصحابة سألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى، فقالوا: أبعيدٌ ربُّنا فنناديه، أم قريبٌ فنناجيه؟ فجاء الجواب من رب العزَّة:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} وما دام الله قريبًا منا، فإنه يسمع دعاء الداعي، ويجيب ذلك الدعاء، وطلب الله من عباده أن يدعوه ويسألوه، ويؤمنوا به، لعلهم يرشدون، أي: ليكونوا من الراشدين.
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكنا إذا أشرفنا على وادٍ هللنا وكبرنا، وارتفعت أصواتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم سميعٌ قريبٌ، تبارك اسمه، وتعالى جده»[البخاري: ٢٩٩٢، مسلم: ٢٧٠٤].
وقوله:{أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} يدل على أن الله يجيب دعوة العبد، ولا بد، ولكن تختلف صور الإجابة، كما في الحديث الصحيح الذي يرويه الإمام أحمد: عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ما من مسلم يدعو الله عزَّ وجلَّ بدعوةٍ ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاثٍ: إما أن تعجلَّ له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذا نكثر، قال:«الله أكثر»[مسند أحمد: ١١١٣٣].
وعن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:«لا يزال يُستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم، أو قطيعة رحم، ما لم يستعجلَّ، قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت، فلم أرَ يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء»[مسلم: ٢٧٣٥].