وهذا الذي تضمنته الآية وإن كان خبرًا من الله عن قدرته وعلمه إلا أنَّ فيه احتجاجًا على المشركين الذين كانوا ينكروه قدرته على إحيائهم بعد مماتهم وبعثهم بعد فنائهم، فالذي يقبض أرواحهم بالليل، ويبعثهم في النار، ليبلغوا أجلاً مسمَّى، قادرٌ على إحيائهم بعد الموت [الطبري: ٤/ ٣٢٠٢].
٣ - الله هو القاهر فوق عباده:
أعلمنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - أنَّه القاهر فوق عباده {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}[الأنعام: ٦١] أي: هو الغالب خلقه، العالي عليهم بذاته وقدرته، {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً}[الأنعام: ٦١]. والحفظة الذين يرسلهم الله علينا الملائكة الذين يحفظون أجسادنا وأعمالنا، قال السُّدي في الحفظة:«هي المعقِّبات من الملائكة، يحفظونه، ويحفظون عمله»[الطبري: ٤/ ٣٢٠٤].
وقد ذكر الله تعالى الملائكة الذين يحفظون العباد في قوله:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}[الرعد: ١١]. وفي قوله:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ}[الانفطار: ١٠ - ١١] وفي قوله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٧ - ١٨].
«وقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}[الأنعام: ٦١] أي: إذا احتضر وَحانَ أجلُهُ {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} أي: ملائكةٌ موكلون بذلك، قال ابن عباس وغير واحدٍ: لملك الموت أعوانٌ من الملائكة، يخرجون الروح من الجسد، فيقبضها ملك الموت إذا انتهت إلى الحلقوم {وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} أي: في حفظ روح