وإذا علم هذا فليعلم أيضاً أن إحياء الذكرى للنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكون في ليلة المولد وحدها كما يفعله المتفونون بالاحتفال بالمولد النبوي, وإنما يكون في سائر الأوقات. وذلك بالإكثار من قراءة القرآن والتدبر لما جاء فيه من تعظيم الرب تبارك وتعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وإظهار شرفه على سائر الخلق. وقد ذكرت جملة من الآيات الواردة في تعظيمه - صلى الله عليه وسلم - في كتابي المسمى بـ «الرد القوي» فلتراجع هناك. وكذلك الإكثار من دراسة الأحاديث الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ففي ذلك أعظم إحياء لذكره - صلى الله عليه وسلم -.
وأما التعبير عن الحب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فإنما يكون ذلك بالإيمان به واتباع أوامره واجتناب نواهيه والتمسك بسنته ونشر ما دعا إليه, والبعد عما ابتدعه المبتدعون من بعده, وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» وقد تقدم هذا الحديث في البرهان العشرين فليراجع. ومن ادّعى محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مرتكب لما نهى عنه من المحدثات والأعمال التي ليس عليها أمره فهو كاذب في دعواه.
وأما الاجتماع على الذكر في ليلة المولد خاصة فهو من المحدثات لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يفعل ذلك ولم يفعله أصحابه رضي الله عنهم. ولو كان خيراً لسبقوا إليه. والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع, وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» أي مردود. وفي هذا الحديث أبلغ رد للمحدثات التي أحدثها المفتون بالمولد النبوي.