وأما قوله وأين الباطل؟ اعتراضي على هذا العمل أم هو هذا القول نفسه.
فجوابه أن يقال إن الإنسان إذا عميت بصيرته فإن الشيطان يتلاعب به ويصده عن الصراط المستقيم ويزين له قلب الحقائق ويريه الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق. وهكذا كانت حال الكاتب المفتون حيث كان يرى أن من الباطل إعلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فوق المنبر في المسجد الحرام وأن التحذير من البدع والتشبه بأعداء الله من الباطل. وما يدري الكاتب المفتون أن الباطل في الحقيقة هو اعتراضه على الخطباء الناصحين الذين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويحذرون الناس من البدع والمحدثات التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر بردها, ويحذرونهم أيضاً من التشبه بالنصارى الذين يحتفلون بمولد المسيح ويتخذونه عيداً, وإنه لينطبق على الكاتب قول الشاعر:
يقضى على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن
وأما قوله ألا يعتبر هذا سباً بل قذفاً لأكثرية المسلمين.
فجوابه أن يقال: إن إعلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من المحدثات والأعمال التي ليس عليها أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس من السب والقذف للمسلمين كما قد توهم ذلك الكاتب المفتون, وإنما هو من النصيحة التي حث عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة حيث قال:«الدين النصيحة» قلنا لمن قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث تميم الداري رضي الله عنه, وروى الإمام أحمد أيضاً والترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه