المعاصي التي هي دون ذلك. وقد ذكرت قريباً قول سفيان الثوري إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية. المعصية يتاب منها والبدعة لا يتاب منها. ومع هذا فإنه يجب السعي في تطهير المجتمع من البدع ومن ملابسة الأمور المحرمة واكتساب الأموال المحرمة وغير ذلك من المنكرات الظاهرة لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أمته بتغيير المنكرات الظاهرة بحسب القدرة ولم يفرق بينها.
الوجه الثالث: أن يقال مما يدل على أهمية تطهير المجتمع من البدع والمحدثات أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحذر منها في خطبته. والظاهر من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي تقدم ذكره في أول الكتاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك في كل جمعة.
الوجه الرابع: أن يقال إنه يجب على العلماء تحذير الناس من المحدثات وإعلامهم بما فيها من الشر والضلالة. وذلك من التأسي برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يحذر أمته من المحدثات في خطبته يوم الجمعة ويبين لهم أنها شر الأمور وأن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. فعلى الخطباء أن يقتدوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التحذير من المحدثات وبيان ما فيها من الشر والضلالة وإن لم تحصل القناعة بذلك من بعض الناس لأن الله تعالى قال بنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: {فذكّر إنما أنت مذكّر. لست عليهم بمصيطر} وقال تعالى: {فذكّر إن نفعت الذكرى. سيذكر من يخشى. ويتجنبها الأشقى} وقال تعالى: {وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} وقال تعالى: {فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ} وقال تعالى: {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء}.