إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى. وعلى هذا فالخطباء الذين أشار إليهم الكاتب لهم أسوة بنبيهم - صلى الله عليه وسلم - في تذكير الناس وحثهم على التقوى ونهيهم عن البدع والمحدثات وتحذيرهم منها ومن سائر المنكرات وليس عليهم أن يقنعوا الناس بما يأمرون به وما ينهون عنه فإن ذلك ليس في قدرتهم. وإنما الهداية والإضلال بيد الله تعالى فهو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء وله الحجة البالغة والحكمة التامة.
ولا ينبغي الالتفات إلى ما يحصل لبعض الناس من النفور والتضايق من سماع النهي والتحذير عما وجدوا عليه آباءهم وأشياخهم من البدع والمحدثات كما قد حصل ذلك لصاحب المقال الباطل. هدانا الله وإياه إلى الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعون لهم بإحسان. وأعاذنا جميعاً من نزغات الشيطان وتضليله. بل ينبغي بذل النصيحة للمسلمين ودعوتهم إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتعليمهم ما يجهلونه من أمور الدين, فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها.
الوجه الخامس: أن يقال إن الخطباء الذين أشار صاحب المقال الباطل إلى أنهم قد أكثروا من الممنوعات والمحرمات لم يبتدعوا شيئاً من الممنوعات والمحرمات ويأتوا بذلك من عند أنفسهم. وإنما كانوا يمنعون ويحرمون الأمور التي قد دل الكتاب والسنة على تحريمها والمنع منها, فتجدهم إذا نهوا عن شيء من العقائد أو الأقوال أو الأفعال يأتون بالأدلة الدالة على المنع مما نهوا عنه, وعلى هذا فلا لوم على الخطباء الذين ينهون عن البدع ويحذرون منها وإنما اللوم على من لامهم واعترض عليهم.
الوجه السادس: أن يقال إنه لا يتضايق من سماع النهي عن المحدثات والتحذير منها ويتمرد عن قبول ما جاء عن النبي - صلى الله