مولده بطنجة يوم الاثنين السابع عشر من رجب الفرد الحرام عام ثلاثة وسبعمائة. وكان خروجه عن طنجة مسقط رأسه في يوم الخميس الثاني من شهر الله تعالى رجب الفرد الحرام عام خمسة وعشرين وسبعمائة، قاصدا حج بيت الله الحرام، وزيارة قبر الرسول عليه الصلاة والسلام. وهو أول رحلته، وسنه يومئذ ثنتان وعشرون سنة. وكان والده يومئذ بقيد الحياة، وكان ارتحاله في أيام أمير المؤمنين، وناصر الدين، المجاهد في سبيل رب العالمين، الإمام أبي يوسف بن عبد الحق رحمه الله تعالى. وحج في رحلته ثلاث مرات، وجال في بلاد التكرور والمغرب ومصر والشام والعراق وأرض الترك، وجال في الحجاز وبلاد اليمن وبلاد السند والهند والصين، وطاف في البلاد شرقا وغربا وجوفا وجنوبا، وزار قبور كثير من الأنبياء والأولياء، ولقي الأولياء والصالحين وزارهم تبركا بهم، وشاهد العجائب والغرائب. ومدة رحلته تسعة وعشرون عاما.
ورأى ليلة وهو نائم بسطح زاوية الشيخ في سمت القبلة، ثم تيامن عنها ثم شرق ثم يذهب من ناحية الجو ثم يبعد الطيران في ناحية المشرق وينزل في أرض مظلمة خضراء ويتركه بها. قال فعجبت من هذه الرؤيا وقلت في نفسي: إن كان كاشفني الشيخ برؤياي فهو كما يحكى عنه. قال فلما غدوت لصلاة الصبح قدمني الشيخ إماما ثم صلى سبحة الضحى ودعاني وكاشفني الشيخ برؤياي، فقصصتها عليه، فقال سوف تحج وتزور النبي صلى الله عليه وسلم وتجول في بلاد اليمن والعراق وأرض الترك وبلاد الهند وتبقى بها مدة طويلة، وستلقي بها أخي دلشاد الهنديّ ويخلصك من شدة تقع فيها، ثم زودني دراهم وودعته وانصرفت. ومنذ فارقته لم ألق في أسفاري إلا خيرا وظهرت عليّ بركاته.
وكان ابن بطوطة رحمه الله تعالى حيا في ذي الحجة عام أربعة وخمسين وسبعمائة. والحمد لله رب العالمين. انتهت بحمد الله وحسن عونه.