[١٦٣ - [أند عبد الله بن أحمد بن أند عبد الله الولاتي]]
أند عبد الله بن أحمد بن أند عبد الله بن الشيخ الولاتي ثم المحجوبي، قاضي ولاتة المشتهر ذكره وعلمه وحكمه في بلادنا.
كان رحمه الله تعالى زاهدا في الدنيا لا يملكها، وليست همته متوجهة إليها، فما الدنيا عنده وإن تلاطمت بالأمواج، وتزينت بالابتهاج، إلاّ كصبابة، وأصغر في عينيه من ذبابة. وكان سخيا. فقد جاءته يوما هدية عظيمة وعنده بعض مواليهم، فقال له: دونك هذا! فإن من عادتي أن من حضر من أهلي لشيء أتاني من الدنيا فهو له. ولا يمن بما أعطى ولا يطلب فيه ثوابا حتى كأنه لم يعط شيئا. وكان حليما فكان أحنف زمانه، فلا يدانيه أحد في الحلم. وكان رحمه الله تعالى غرة أهل عصره في الحكم والفتوى، أقضى زمانه، وفارس ميدانه، شهد له بذلك الموافق والمخالف، وأقر به المعادي والمحالف. قال القاضي سنبير قاضي أروان فيه: فلله دره من عالم محقق، وقاض مدقق، فلو أدرك الأشياخ المتقدمين لأدوا حقه، وأظهروا فضله. انتهى. كم صدع بالحق في الله ولم يخش لومة لائم، وجهر بحكمه على رؤوس المعالم، وصال بعمله على الأسود والضراغم. تبرك في أول تشوفه للعلم بشيخنا الطالب الأمين ابن الطالب الحبيب الحرشي، قرأ عليه نحو ربع المختصر أو أكثر، ثم اشتغل بمطالعة الكتب حتى برع في الفنون كلاما وفقها وأصولا ونحوا ومنطقا وغيرها متحابا (كذا) كان يسأل عما أشكل عليه في مطالعته فيفتحه له، وذلك لأن الفقيه محمد بن علي يأتي الأشياخ ويقرأ عليهم في ولاته وفي تنبكت، وهو لا يأتيهم في الغالب بل مقتصر على المطالعة.
وكان عارفا بأصول الفقه يميل في فتواه إلى القواعد والأصول، قل أن ترى له في الفتوى نقلا من الفروع والله أعلم. وكان آية في الذكاء والفهم، وفهمه وقلمه خير من لسانه. وكانت الدراية أغلب عليه من الرواية، فكان الغالب عليه البحث لا الحفظ، وكان ذا بحث لا يصبر عن البحث في