الجبل مرورا سريعا وهي تتبعه وتفعل ما فعل حتى نشزت ابنتها وأحبت فراقه، فجاءها الشيخان الآمران بالمعروف شيخنا الطالب الأمين والحاج أبو بكر بن الحاج عيسى رحمهما الله تعالى ونفعنا بهم آمين وقالا لها، لا بد أن تخالعيه لأنك ناشز، فخالعته بخلاخل من حليها، وأخذا منها الخلاخل وفرقا بينهما، فسمع بخبر الخلاخل وأتاهما وأخذهما وتصدق بهما على صهرته أمها وقال لها: إن العلماء يحبون الدنيا.
وكان يحرث حرثا قريبا من الديار ويأتيه الصبيان ويملأ كل واحد منهم طرفه له من الفواكه وهو ينظر إليهم وهم يحسبون أنه لا يراهم، فإذا أخذوا حاجتهم قال لهم رأيتكم، فيفرون بما أخذوا من حرثه فيضحك منهم ولا يتبعهم، وتنزل فيه الغربان فتأكل وتفسد ولا يطيرها ولا يزجرها عنه. وقد جعل الله تعالى قبره في حرثه هذا. وربما أخذ الصبيان ذئبا فيشتريه منهم ويطلقه. وسمعت أنه أرسل مرة ظرفا من الزرع مع رفقة، وأمر الذي أرسله معه أن يصبه لحمام آنج والطيور ففعل. ومن كراماته أنه يطأ في النار ولا تحرقه، وكان مرة في الشتاء في رفقة كبيرة من أهل ولاتة في قاع كرم، وهو قاع واسع كثير الخشب، وأوقد أهل كل رحل من الرفقة نارا عظيمة للاصطلاء من أجل البرد، فقام أحد كبراء الرفقة من الليل وذكر الله تعالى وقال لا إله إلا الله، فقال أخي فلان قلها، فأعادها، ثم قالها هو وقام ناس من الرفقة فقالوها، فجعل يطأ النيران العظيمة بقدميه ويرقص عليها ويقول لا إله إلا الله ويقول شدوها حتى أطفئ تلك النيران كلها، يطؤها كأنها ماء بارد لا تحرقه، فقام بعض أهل الرفقة فتعجب أهل الرفقة كلهم من هذه الكرامة الباهرة.
وبالجملة فهو من الأولياء الذين ظهرت بركاتهم وكراماتهم. كان حيا عام خمسين ومائة وألف، وقد قال الطالب علي بن الطالب عمر البرتلي إنه مكتوب على قبره بقلم القدرة: تقي، رحمه الله تعالى ونفعنا به آمين.