للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقرب فن الأصول عنده، فهمه مصيب، أخذ من الفنون بأوفر نصيب، كامل القريحة والعقل. وكان من العلماء العاملين معمر الأوقات بالطاعات، جامعا بين الشريعة والحقيقة، سريع الانقياد والرجوع إلى الحق، قائما بامتثال الأمر واجتناب النهي. متبعا لسنة نبينا (٧) لا تدوم معه البدعة، بل ينكرها ويقول: إذا ظهرت البدعة ولم يتكلم العالم استوجب غضب الله تعالى، فارا بدينه من الفتن، معظما للأولياء والصالحين.

أخذته الحمى يوما فأخذ البادسية ووضعها عند رأسه وقال لها: إن استطعت أن تأتيني مع هؤلاء فتعالي.

وكان رحمه الله تعالى محبا للكتب معظما لها. ومن تعظيمه لها أنه لا يجعل الكتاب على ساقه وهو متطهر فضلا عن غير ذلك. وسئل يوما عن تعظيمه لغمد (٨) كتاب فقال بديهة: وظلم الجار إذلال المجير (كذا).

رحل إلى الخليفة سيدي محمد بن مولاي عبد الله بن مولاي إسماعيل لطلب الكتب، فاختبره في العلم فأعجبه وعظمه وأعطاه خزانة كتب كبيرة نفيسة جدا. ثم حج بيت الله الحرام لأداء فريضته. ومن خلقه أنه لا يجالس السفهاء. ومن فوائده أنه كان يقول: من نابه مرض فليزن الشفا للقاضي عياض بالماء ويشربه. ولقد أخبرني بعض الإخوان ممن أثق به أنه فعله لبعض إخوانه فشفاه الله تعالى.

ألف رحمه الله تعالى غرة الصباح في اصطلاح البخاري، وله نظم مختصر في علم الحديث، وله نظم في الأصول سماه مراقي السعود وشرحه، ونظم حسن في البيان وشرحه، وطرد الضوال والهمل، في الركوع في حياض العمل، وله نظم في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وشرحه،


(٧) في أ: حرفت هذه العبارة إلى «متبعا السنة سنيا». كما وقع إسقاط كلمات من الجملة التالية في ج.
(٨) في ج: قمطر بدل غمد.

<<  <   >  >>