والتأثير بين مراكز الثقافة العربية المختلفة في هذه المرحلة، وأسماء كتب التراث العربي التي كانت موجودة في المنطقة والتي كان أهل العلم يستفيدون منها إذ ذاك، وأسماء مؤلفات علماء التكرور التي ساهموا بها في المحصول الضخم للمؤلفات العربية عبر القرون المتعاقبة في مختلف أقاليم آسيا وإفريقيا وأوروبا، والتي تتظافر جهود الباحثين منذ أجيال لمحاولة إحصائها والتعرف عليها وعلى مراكزها في العالم.
وإذا كانت الملاحظة العامة التي يخرج بها قارئ هذه التراجم هي أن أصحابها - في الأغلب الأعم - كانوا مرددين لما قاله من قبلهم حيث انحصرت معلوماتهم في المتون والشروح والحواشي والتعاليق، وكذلك كان إنتاجهم، فإن الذنب في ذلك كان ذنب العصر الذي اتسمت الثقافة العربية فيه في المشرق والمغرب على السواء بالجمود والركود والتقليد وتكرار ما قيل من قبل. على أنه يجب ألا ننسى فضل هؤلاء المقلدين المرددين لما قيل من قبل في مساهمتهم في مناطق نائية ومنعزلة عن مراكز الثقافة العربية الكبرى بفاس وتونس والقاهرة، حيث لم يستطع الاتصال بهذه المناطق من المترجمين في الكتاب إلا أفراد معدودون.
ولم يستفد من هذا المصدر القيم: لا كارل بروكلمان في تاريخ الأدب العربي وذيله بالألمانية، ولا إسماعيل باشا البغدادي في أي من كتابيه إيضاح المكنون، في الذيل على كشف الظنون، وهدية العارفين، إلى أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، ولا صاحب فرس الفهارس - مع ما كان له من إطلاع واسع في هذا المجال -، ولا القاضي عباس بن إبراهيم المراكشي في الإعلام، بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، ولا صديقنا المرحوم خير الدين الزركلي في الأعلام، وفي آخر لقاء لي معه ببيروت حدثته عن فتح الشكور، فقال لي رحمه الله: ذلك عالم لا نكاد نعرف عنه شيئا؛ ولا رضا كحالة في معجم المؤلفين. ولا الدكتور حسن أحمد محمود في كتابه الحافل الثقافة العربية في إفريقيا. كما لا نعرف أحدا من