يشتغل بالتعليم إلى صلاة العصر، ثم يشتغل به بعدها إلى أذان المغرب، ثم يصلي النوافل بعد صلاة المغرب إلى العشاء، ويتنفل بعد العشاء أمام بيته. وإذا كان ثلث الليل الأخير يقوم فيركع، ويشتغل بالتعليم إلى الصبح، نفعنا الله تعالى به. وتعليم العلم لمن لا يعلمه صدقة ودرجة عظيمة، قال في جواهر العقدين في فضل الشرفين: وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعلّم العلم فإنّ تعلّمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنّه معالم الحلال والحرام، سبيله الجنّة، وهو الانس في الوحشة، والصّاحب في الغربة، والمحدّث في الخلوة، والسّلاح على الأعداء، والزّين عند الأخلاّء، يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة وأيمّة يقتفى آثارهم ويقتدى بهم وينتهى إلى رأيهم. انتهى المراد منه.
وكان فهما نجيبا، سمع ليلة رجلا ينشد قصيدة فحفظها بالسمع.
وإذا حضر إلى تفسير لوح لا يحتاج له إلى شيخ، وإذا كتب لوحا حفظه، وإذا قرأ شيئا لا يحتاج أن ينظره في كتاب، وما لم يقرأ فهمه بالنظر في الكتاب. وكان مقتديا بما قاله الشيخ خليل، ولا يلتفت إلى شرح ولا إلى نص غيره، ويقول ما قال الفقيه سيدي أحمد بابا التنبكتي: نحن أناس خليليون إن ضلّ ضللنا. وكان ملازما للطهارة، يدخل في الآبار ليلا لأجل أخذ ماء الطّهارة، وقد رحل أهله من دار فيها الماء المطلق، فصار يسري إليها حتى يغتسل فيها.
وكان رحمه الله تعالى سخيا. ومن سخائه أن بعض تلامذته تزوج وأمسك أصهاره زوجته حتى يدفع لهم حالّ الصداق وليس عنده ما يدفع لهم، فأعطاه عشرين بقرة دفعها لهم، وهو قليل ذات اليد. ولقد صدق فيه قول الشاعر.
ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتى تجود وما لديك قليل