للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا من خالفهم، وهم بالشام إن شاء الله تعالى.

فصل

ثم إذا علمتم ذلك، فاعرِفوا حقَّ هذا الرجل الذي هو بين أظهُركم وقدرَه، ولا يعرف حقَّه وقدره إلا من عرف دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحقه وقدره، فمن وقع دينُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قلبه بموقع يستحقُّه، عرفَ ما قام هذا الرجلُ به بين أظهر عباد الله، يُقوِّم معوجَّهم، ويصلحُ فسادَهم، ويَلُمُّ شَعَثهم، جهد إمكانه، في الزمان المظلم، الذي انحرف فيه الدينُ، وجُهلت السُّننُ، وعُهدت البدع، وصار المعروفُ منكَرًا، والمنكر معروفًا، والقابض على دينه كالقابض على الجمر، فإنّ أجر من قام بإظهار هذا النور في هذه الظلمات لا يوصف، وخَطَرُه لا يُعرف، هذا إذا عرفتموه أنتم من حيثية الأمر الشَّرعي الظاهر، فهنا قوم عرفوه من حيثية أخرى من الأمر الباطن، ومن نفوذه إلى معرفة أسماء الله تعالى وصفاته، وعظمة ذاته، واتصال قلبه بأشعة أنوارها، والاحتظاء من خصائصها وأعلى أذواقها، ونفوذه من الظاهر إلى الباطن، ومن الشهادة إلى الغيب، ومن الغيب إلى الشهادة، ومن عالم الخلق إلى عالم الأمر، وغير ذلك مما لا يمكن شرحُه في كتاب.

فشيخُكم ــ أيدكم الله ــ عارفٌ بأحكام الله الشرعية، عارف بأحكامه القدرية، عارف بأحكام أسمائه وصفاته الذاتية، ومثلُ هذا العارفِ قد يُبْصر ببصيرته تنزُّلَ الأمر بين طبقات السماء والأرض. كما قال تعالى: {(١١) اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ} [الطلاق: ١٢].

فالناس يُحِسُّون بما يجري في عالم الشهادة، وهؤلاء بصائرهم شاخصة إلى الغيب، ينتظرون ما تجري به الأقدارُ، يشعرون بها أحيانًا عند تنزلها.

<<  <   >  >>