أن إنكارَ المنكرِ واجبٌ، وهذا منكر، وصاحبه قد راج على الناس، فيجب عَلَيَّ تعريفُ الناس ما راج عليهم، وتَغِيبُ عليه المفاسد في ذلك.
فمنها: تخذيلُ الطَّلَبة، وهم مضطرون إلى محبة شيخهم، ليأخذوا عنه، فمتى تغيرت قلوبُهم عليه ورَأؤا فيه نقصًا حُرموا فوائدَه الظاهرةَ والباطنة: وخِيفَ عليهم المقتُ من الله أولًا، ثم من الشيخ ثانيًا.
المفسدة الثانية: إذا شعر أهلُ البِدَع الذين نحن وشيخُنا قائمون الليلَ والنهارَ بالجهاد والتوجُّه في وجوههم لنصرة الحق: أنَّ في أصحابنا مَنْ ثلب رئيس القوم بمثل هذا، فإنهم يتطرَّقون بذلك إلى الاشتفاء مِنْ أهل الحق ويجعلونه حُجَّة لهم.
المفسدة الثالثة: تعديل المثالب في مقابلة ما يستغرقها وما يزيد عليها بأضعاف كثيرة من المناقب، فإن ذلك ظلم وجهل.
والأمر الثاني من الأمور الموجبة لذلك: تغير حاله وقلبه، وفساد سلوكه بحسد كان كامِنًا فيه، وكان يكتمه بُرهة من الزمان، فظهر ذلك الكمين في قالبٍ، صورته حق ومعناه باطل.
فصل
وفي الجملة ــ أيَّدكم الله ــ إذا رأيتم طاعنًا على صاحبكم فافتقدوه في عقله أولًا، ثم في فهمه، ثم في صدقه، ثم في سِنِّه، فإذا وجدتم الاضطرابَ في عقله، دَلَّكم على جهله بصاحبكم، وما يقول فيه وعنه، ومثله قلَّة الفهم، ومثله عدم الصدق، أو قصوره، لأن نقصان الفهم يؤدي إلى نقصان الصدق بحسب ما غاب عقله عنه، ومثله العلة في السنّ فإنه يشيخ فيه الرأيُ والعقلُ