أنني عزلت نفسي، وقام من المجلس، فلحقه الأمير ركن الدِّين بيبرس العلائي، وعلاء الدِّين أيدُغْدي شقير، وأعادوه إلى المجلس، وجرى كلام كثير في ذلك.
وبعد ذلك ولَّاه الأمراء الحكم، وحكم القاضي الحنفي بصحة الولاية، وأنفذها المالكي وقبل الولاية بحضور ملك الأمراء، فلما نزل إلى داره لاموه [أصحابه، وخشي على نفسه ورأى أن الولاية لا تصح]، فطلع إلى تربتهم بسفح قاسيون وأقام بها وصَمَّم على العزل، وبقي الأمر متوقفًا، فلما كان بعد أيام رسم ملك الأمراء لنوابه بالمباشرة إلى حيث يرد جواب السلطان.
فأما القاضي جلال الدِّين فباشر، وأما تاج الدِّين الجَعْبري فلم يباشر الحكم، فلما كان ثامن عِشْري شعبان وصل بريديٌّ من مصر وعلى يده كتابان: كتاب لملك الأمراء، وكتاب لقاضي القضاة بعوده إلى ولايته ويقولون في الكتاب:
فرِحْنا باجتماع رأي العلماء على عقيدة الشيخ، فباشر القاضي يوم الخميس مستهل رمضان، وسكنت القضية.
فلما كان يوم الاثنين خامس رمضان وصل من السلطان بريديٌّ يُعرف بالعُمَري إلى دمشق بطلب قاضي القضاة نجم الدِّين ابن صَصْرَى وتقي الدِّين ابن تيمية، ويقولون: تُعرِّفوننا مما وقع في زمن جاغان سنة ثمان وتسعين وست ومئة بسبب عقيدة ابن تيمية وفيه إنكار عليه، وأن تكتبوا لهم صورة العقيدتين الأولى والأخيرة، فطلبوا القاضي جلال الدِّين الحنفي وسألوه عما جرى في أيامه. فقال: نُقِل عنه كلام قاله فطلبناه فأجاب عنه،