للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القضاة نجم الدِّين أحدَهم إلى المدرسة العادلية وعزَّره، وفعل قاضي القضاة الحنفي مثل ذلك باثنين من أصحابه، فلما كان يوم الاثنين ثاني عشرين (١) الشهر قرأ الشيخ جمال الدِّين المِزِّي فصلًا في الرد على الجهمية من كتاب «أفعال العباد» من كتاب البخاري (٢)، وكان ذلك بالجامع الأموي تحت النسر في المجلس العام المعقود لقراءة «صحيح البخاري» فغضب بعض الفقهاء الحاضرين، وقال نحن قُصِدنا بهذا التكفير، فبلغ ما قاله قاضي القضاة نجم الدِّين الشافعي فأحضره ورسم باعتقاله، فبلغ ابن تيمية الخبر فقام حافيًا وتبعه أصحابه، وأخرجه من الحبس، فغضب القاضي وتوجَّه إلى نائب السلطنة واجتمع هو وتقي الدِّين فاشتطَّ تقي الدِّين عليه وذكر نائبه جلال الدِّين وأنه آذى أصحابه، فرسم نائب السلطان بإشهار النداء في البلد بالكف عن العقائد والخوض فيها، ومن تكلم في ذلك سفك دمه ونهب ماله.

وأراد بذلك تسكين هذه الفتنة ثم عُقِد مجلس في ثاني يوم، الثلاثاء سلخ رجب بالقصر الأبلق بحضور نائب السلطنة والقضاة والفقهاء وحصل البحث في أمر العقيدة وطال البحث، فوقع من الشيخ صدر الدِّين كلام في معنى الحروف فأنكره الشيخ كمال الدِّين ابن الزملكاني فأنكر صدر الدِّين القول، فقال كمال الدِّين لقاضي القضاة نجم الدِّين بن صَصْرَي: ما سمعتَ ما قال؟ فتغافل عن إجابته لتنكسر الفتنة، فقال ابن الزملكاني: ما جرى على الشافعية قليل إذ صرت رئيسهم، يريدُ بذلك ابنَ الوكيل ــ فيما يزعم ــ فظن قاضي القضاة أنه أراده بكلامه فأشهد عليه أنه عزل نفسه عن القضاء، وقام من


(١). كذا، والوجه: «عِشْري».
(٢). كذا! وصوابه: للبخاري، وهو كتاب مفرد وليس من «الصحيح».

<<  <   >  >>