ودخل الخطيب بدر الدِّين بن جماعة والشيخ ابن التيمية إلى القلعة ومشوا في الصلح بين أرجواش ونواب التتار. فلم يوافق أرجواش ' على ذلك، ولم يزل الأمر كذلك إلى مستهل شهر رجب الفرد.
وفي الثاني من الشهر طلب قبجق أعيان البلد وحلفهم للدولة المحمودية بالنصح وعدم المداجاة.
وفي يوم الخميس توجه الشيخ تقي الدِّين ابن التيمية إلى مخيم بولاي مقدم التتار يسأل في المأسورين، وكانوا خلقًا كثيرًا. وتحدث بولاي في أمر يزيد بن معاوية مع الشيخ، وسأله: هل يجوز لعنته أم لا؟ ففهم الشيخ أن فيه موالاة، فكلمه بما لاق بخاطره بغير شيء يكره. فقال: هؤلاء أهل دمشق هم قتلة الحسين بن علي صلوات الله عليه. فقال له الشيخ: إنه لم يكن من أهل دمشق من حضر قتلة الحسين عليه السلام، وقتل عليه السلام بأرض كربلا من العراق. فقال: صحيح، وكانوا بنو أمية خلفاء الدنيا، وكانوا يحبون سكنى الشام. فقال الشيخ: وماذا يلزم من ذلك في قتلة الحسين، وهذه الشام ما برحت أرضًا مباركة ومحل الأولياء والصلحاء بعد الأنبياء صلوات الله عليهم. ولم يزل به حتى سكن غضبه على أهل الشأم. ثم ذكر للشيخ أن أصله مسلم من أهل خراسان. وجرى بينه وبين الشيخ كلام كثير. (٩/ ٣٥ - ٣٦).
ذكر واقعة الشيخ تقي الدِّين ابن التيمية '
وذلك لما كان يوم الاثنين ثامن شهر رجب الفرد من هذه السنة المذكورة، طُلب القضاة والفقهاء والشيخ تقي الدِّين ابن التيمية إلى مجلس الأمير جمال الدِّين الأفرم نايب الشام المحروس بدمشق، وكان اجتماعهم بالقصر الأبلق. ثم سألوا الشيخ تقي الدِّين ابن التيمية عن عقيدته.