للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما شرحت هذه النبذة من محبة الشيخ ــ رحمة الله تعالى عليه ــ إلا ليتحقق بعدي عن الملل (١) الموهوم، لكن لما سبق الوعد الكريم منكم بإنفاذ فهرست مصنفات الشيخ - رضي الله عنه - وتأخر ذلك عني، اعتقدت أن الإضراب عن ذلك نوع تقيّة، أو لعذر لا يسعني السؤال عنه، فسكتّ عن الطلب خشية أن يلحق أحدًا ضرر ــ والعياذ بالله ــ بسببي، لما كان قد اشتهر من تلك الأحوال، فإن أنعمتم بشيءٍ من مصنفات الشيخ ــ رحمه الله تعالى ــ كانت لكم الحسنة عند الله تعالى علينا بذلك، فما أشبه كلام هذا الرجل بالتِّبر الخالص المصفى! وقد يقع في كلام غيره من الغش، والشبه المدلس بالتبر ما لا يخفى على طالب الحقّ بحرص وعدم هوى، ولا أزال أتعجّب من المنتسبين إلى حبّ الإنصاف في البحث، المُزْرِين على أهل التقليد؟ المعقولات التي يزعمون أن مستندَهم الأعظمَ الصريحُ منها، كيف يباينون ما أوضحه من الحق وكشف عن قِناعه؟ وقد كان الواجب على الطلبة شدّ الرحال إليه من الآفاق ليرو العجب، وما أشبه حال المباينين له من المنتسبين إلى العلم، الطالبين للحقّ الصريح الذي أعياهم وجدانه بحال قوم ذبحهم العطش والظمأ في بعض المفازات، فحين أشرفوا على التلف لمع لهم شطّ كالفرات أو دجلة أو كالنيل، فعند معاينتهم لذلك اعتقدوه سرابًا لا شرابًا، فولّوا عنه مدبرين، وتقطّعت أعناقهم عطشًا وظمأً! ! فالحكم لله العلي الكبير، وأما إرسال الكتب للمقابلة من إحدى الطرفين ففيه تعسُّف! (٢)


(١) كذا في نسخة، وفي العقود: «الملك». ولعلها: «المَلَق» يعني: أنه لا يقصد التملُّق لأحدٍ من أصحاب الشيخ.
(٢) كان في الأصول: «وما أرسلنا الكتب المقابلة من الطرفين»، وفي العبارة غموض. وبالإصلاح الجديد زال غموضها.

<<  <   >  >>