عبد الحليم بن عبد السَّلام بن تيميَّة - رحمه الله - بالقاهرة ــ قدم علينا ــ ثمَّ ذكر حديثًا من جُزْء ابنِ عَرَفة.
قلتُ: أملى شيخنا المسألة المعروفة بالحَمَوية سنةَ ثمانٍ وتسعين في قعدَةٍ بين الظُّهر والعَصْر، وهي جواب سؤال ورد من حماة في الصِّفات، وجرى له بسبب ذلك محنة، ونصره الله وأذلَّ أعداءه، وما حصل له بعد ذلك إلى حين وفاته من الأمور والمِحَن والتنقلات تحتاج إلى عِدَّة مجلَّدات، وذلك كقيامه في نوبة غازان سنة تسع، والتقائه أعباء الأمر بنفسه، واجتماعه بالملك وبنائه خطلوشاه وببُولايَ، وإقدامِه وجُرْأته على المغول، وعظيمِ جهاده، وفَعْلِهِ الخيرَ، من إنفاق الأموال، وإطعام الطَّعام، ودفن المَوْتى، ثمَّ توجهه بعد ذلك بعام إلى الدِّيار المِصْرية، وسوقه على البريد إليها في جُمُعةٍ لما قَدِمَ التَّتار إلى أطراف البلاد، واشتدَّ الأمر بالبلاد الشَّامية، واجتماعه بأركان الدَّوْلة، واستصراخه بهم، وحضِّهم على الجهاد، وإخباره لهم بما أعدَّ الله للمجاهدين من الثواب، وإبدائهم له العذر في رجوعهم، وتعظيمهم له، وتردد الأعيان إلى زيارته، واجتماع ابن دقيق العيد به، وسماعه كلامه، وثنائه عليه الثَّناء العظيم، ثمَّ توجهه بعد أيام إلى دمشق واشتغاله بالاهتمام لجهاد التَّتار، وتحريض الأمراء على ذلك، إلى ورود الخبر بانصرافهم، ثمَّ قيامه في وقعة شَقْحب المشهورة سنة اثنتين وسَبْع مئة، واجتماعه بالخليفة والسُّلْطان، وأرباب الحَلِّ والعقد، وأعيان الأمراء وتحريضه لهم على الجهاد، ومَوْعظته لهم، وما ظهر في هذه الواقعة من كراماته وإجابة دُعَائه، وعظيمِ جهاده، وقوَّة إيمانه، وشدَّة نُصْحه للإسلام، وفرط شجاعته، ثمَّ توجهه بعد ذلك في آخر سنة أربع لقتال الكِسْروانيين وجهادهم، واستئصال