للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فترى بينه وبينهم حملاتٌ حربية ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبةٍ قد رموه عن قوسٍ واحدة فينجّيه الله؛ فإنه دائم الابتهال، كثير الاستغاثة، قويّ التوكل، ثابت الجأش، له أورادٌ وأذكارٌ يُدْمنها بكيفية وجَمْعِية.

وله من الطرف الآخر مُحِبّون من العلماء والصلحاء، ومن الجُند والأمراء، ومن التجار والكبراء. وسائرُ العامة تحبُّه؛ لأنه مُنْتصب لنفعهم ليلًا ونهارًا، بلسانه وقلمه.

وأما شجاعته؛ فبها تُضرب الأمثال، وببعضها يتشبه أكابر الأبطال، فلقد أقامه الله في نوبة غازان (١)، والتقى أعباء الأمر بنفسه، وقام وقعد، وطلع وخرج، واجتمع بالملك مرتين، وبخطلوشاه (٢)، وببُولاي (٣). وكان قَفْجَق (٤) يتعجَّب من إقدامه وجرأته على المغول.

وله حِدَّة قوية تعتريه في البحث، حتى كأنه ليثٌ حَرِب.


(١) هو ملك التتار غازان ــ والعامة تقول: قازان ــ محمود بن أرغون، وجدّه الأعلى جنكيزخان، مات بعد معركة شقحب سنة (٧٠٣) التي مُني فيها بهزيمة منكرة. انظر «أعيان العصر»: (٤/ ٥ - ١٨)، و «الدرر الكامنة»: (٣/ ٢١٢ - ٢١٤).
(٢) انظر (ص ١٦٦).
(٣) في (ظ): «وببولاءِ». وبولاي: من قادة التتار الذين حضروا مع غازان لغزو الشام. قال الصفدي: اسمه الصحيح: مولاي، وإنما العامة يحرفونه تهكمًا به وبأمثاله. انظر «أعيان العصر»: (٢/ ٧٠ - ٧١).
(٤) ويقال: قبجق، المنصوري، أصله من المغل، تذبذب في الالتحاق بهم أو بالمسلمين، واستقر أمره على قتال المغول، وكان شجاعًا مقدامًا، (ت ٧١٠). انظر «أعيان العصر»: (٤/ ٦١ - ٧٢)، و «الدرر الكامنة»: (٣/ ٢٤١ - ٢٤٣).

<<  <   >  >>