للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه السلام. فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام المسيح عليه السلام وجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - مكانه، وهو في هيئة عظيمة، حسن الوجه حسن الهيئة، فقبَّل المسيحُ عليه السلام يده ورأسه وجلس إلى جانبه، وسأل الرائي: ما معك؟ فقال: رُطَب، فأخذه منه فحثى للمسيح منه. قال: فقلت للنصراني: انظر تعظيم نبيكم لنبينا، فقال: نعم. فبينما هم كذلك إذ جاء طائفة من خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - والشيخ جالس بينهم أو أمامهم، فلما قربوا تقدم الشيخ وقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أهلًا وسهلًا يا أحمد، ثم حثى له من الرطب، فبينما هم كذلك إذ جاء طائفة من بين أيديهم فلم يلتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فقال الشيخ تقي الدين: يا رسول الله إن هؤلاء من أمتك. فقال: لا، لو كانوا من أمتي كانوا على ما أنت عليه.

حدثني صلاح الدِّين يوسف ابن المرحوم علاء الدِّين ابن أخي الصاحب تقي الدِّين ابن مهاجر التكريتي: أنه رأى الشيخ بعد موته بليلة، وهو واقف على باب مدرسته بالقصَّاعين، وهو بعد وقوفه يتمشّى، فأكبَّ الرائي رأسَه ليقبِّل قدميه، فمنعه من ذلك، وقال له: كيف الشيخ الصالح؟ فقال له: كيف حال من فارقك ورأى هذا اليوم المهول ــ يعني يوم جنازته ــ؟ فقال له الشيخ: أما كان يومًا باهرًا؟ فقال له: يا سيدي ما رئيَ مثله قط، وأجمع أعداؤك ومن يحبك أنهم ما رأوا مثله، فتبسّم ووضع يده على كتفه وهزّه وقال: يا فلان أتعْلَم اليوم الذي كان أبهر منه؟ فقال له: لا والله، فقال: يوم دخول الروح إلى الفردوس، فقال: أرأيت هذا الجم الغفير؟ فقال: نعم، فقال له: أضعاف هؤلاء من الملائكة قدّام الروح بالشمع إلى الفردوس، فحصل له انزعاج لذلك الكلام. ثم قال: لا ينعَّم إلا الروح ولا يعذّب إلا الروح، فانتبه مرعوبًا ثم صاح.

<<  <   >  >>