وكان إمامًا في التفسير وعلوم القرآن، عارفًا بالفقه واختلاف الفقهاء والأصلينِ والنحو وما يتعلق به، واللغة والمنطق وعلم الهيئة والجَبْر والمقابلة، وعلم الحساب، وعلم أهلِ الكتابين وأهلِ البدع، وغير ذلك من العلوم النقلية والعقلية. وما تكلَّم معه فاضل في فنّ من الفنون إلَّا ظنَّ أنَّ ذلك الفنَّ فنُّه. وكان حُفَظَةً للحديث، مُميّزًا بين صحيحه وسقيمه، عارفًا برجالِه متضلّعًا من ذلك.
وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة وفتاويُّ مُشبَعة في الفروع والأصول، كمل منها جملة في الفقه والحديث وردِّ البدع بالكتاب والسنة، مثل: كتاب الصارم المسلول على مُنْتَقِصِ الرسول، وكتاب تبطيل التحليل، وكتاب اقتضاء الصراطِ المستقيم، وكتاب تأسيس التقديس في عشرين مجلدًا، وكتاب الرد على طوائف الشيعة أربع مجلدات، وكتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وكتاب السياسة الشرعية، وكتاب التصوف، وكتاب الكلم الطيب، وكتاب المناسك في الحج. وكان من أعرف النَّاس بالتاريخ، وكثير من مصنَّفاتِه مُسَوَّدة ما بُيِّضَتْ.
وتوفي والدُه وهو شاب، فوُلِّيَ مشيخَةَ الحديث بدار الحديث السكّرية، وحَضَرَ عنده جماعة من الأعيان، فشكروا عِلْمَه، وأثنوا عليه وعلى فضائله وعلومه، حتَّى قال الشَّيخ إبراهيم الرقّي:
الشَّيخ تقي الدِّين يُؤخذ عنه ويُقلَّد في العلوم، فإنْ طال عمره ملأ الأرضَ علمًا، وهو على الحق، ولا بُدَّ ما يُعاديَه النَّاس، فإنه وارثُ علم النُبوَّة.
وقال ابن الزَّمْلَكاني: لقد أُعطِيَ ابنُ تَيْميَّة اليدَ الطولَى في حُسن التصنيفِ وجودةِ العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين، وقد ألانَ الله له العلوم كما ألانَ