للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لداود الحديدَ. ثمَّ كتب على بعض تصانيف ابن تَيْميَّة من نظمه هذه الأبيات:

ماذا يقول الواصفون له ... وصفاتُه جَلَّتْ عن الحَصْرِ

هو حُجَّةٌ للهِ قاهرةٌ ... هو بيننا أعجوبَةُ العَصْرِ

هو آيةٌ في الخلقِ ظاهرةٌ ... أنوارُها أربتْ على الفَجْر

ثمَّ نَزَغَ الشيطانُ بينَهما، وغَلبتْ على ابن الزَّمْلَكاني أهويتُه، فمالَ عليه مع مَن مال.

ولمَّا سافَر على البريد إلى القاهرة سنة سبعمائة نزلَ عند عمّي الصاحب شرف الدِّين تغمَّده الله برحمته، وحضَّ على الجهاد في سبيل الله، وأغلظَ في القولِ، ورُتِّب له مُرَتَّب في كلِّ يوم وهو دينار ومحفيَّة (١)، وجاءته بَقْجَة قماش، فلم يَقبل من ذلك شيئًا.

وقال القاضي أبو الفتح ابن دقيق العيد: لما اجتمعتُ بابن تَيْميَّة رأيتُ رجلًا كلُّ العلوم بينَ عينيه، يأخذ ما يُريد ويَدَعُ ما يريد.

وحَضَر عنده شيخنا العلّامة شيخ النحاة أبو حيَّان وقال: ما رأتْ عينايَ مثلَه، ثمَّ مدحه أبو حيان على البديهة في المجلس بقوله:

لمَّا أتينا تقيَّ الدِّين لاحَ لنا ... داعٍ إلى اللهِ فردٌ ماله وَزَرُ

على مُحَيَّاهُ من سِيْمَا الأُلى صَحِبُوا ... خيرَ البريَّةِ نورٌ دونَه القَمَرُ

حَبْرٌ تَسَرْبَلَ منه دَهرُه حِبرًا ... بَحرٌ تَقَاذَفُ مِن أمواجه الدُّرَرُ

قامَ ابنُ تَيميَّةٍ في نَصْر شِرعَتِنَا ... مَقامَ سَيِّدِ تَيْمٍ إذْ عَصَتْ مُضَرُ


(١) كذا بالأصل.

<<  <   >  >>