للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأظهرَ الحقَّ إذ آثارُهُ دَرَسَتْ ... وأخمدَ الشَّرَّ إذ طارتْ له الشَّرَرُ

كُنّا نُحدَّث عن حَبْرٍ يجيءُ فهَا ... أنتَ الإمامُ الذي [قد] كان يُنتظر

قلت: ثمَّ دَارَ بينهما كلامٌ جرى فيه ذكر سيبويه، فتسرَّعَ ابن تَيْميَّة فيه بقولٍ نافرَهُ عليه أبو حيان، وقطعه بسببه، ثمَّ عادَ أكثرَ النَّاس ذَمًّا له، واتخذه له ذنبًا لا يُغفَر.

ولمَّا قَدِمَ غازانُ دمشقَ خرجَ إليه ابن تَيْميَّة في جماعة من صلحاء الدماشقة، منهم القدوة الشَّيخ محمد بن قِوام، فلمَّا دخلوا على غازانَ كَانَ ممّا قال ابن تَيْميَّة للترجمان: قُلْ للقانِ: أنت تزعُم أنك مسلم ومعك قاضٍ وإمامٌ وشيخ ومؤذنون على ما بلغَنا، فغَزوتَنا، وأبوكَ وجَدُّك هُولاكو كانا كافرين وما عَمِلَا الَّذي عملتَ، عَاهَدا فَوَفَيا، وأنتَ عاهدتَ فغدرتَ، وقُلتَ فما وفيتَ. وجرتْ له مع غازان وقطلوشاه وبولاي أمورٌ ونُوبٌ، قام فيها كلها لله، وقال الحق ولم يخشَ إلّا الله.

أخبرنا قاضي القضاةِ أبو العَبَّاس ابن صصري أنهم لمَّا حضروا مجلسَ غازان قُدِّمَ لهم طعامٌ فأكلوا منه إلَّا ابنَ تَيْميَّة، فقيلَ له: لِمَ لا تأكُلُ؟ فقال: كيف آكلُ من طعامكم وكلُّه ممَّا نَهَبتُهم من أغنامِ النَّاس، وطَبختُموه مما قطعتم من أشجار النَّاس. ثمَّ إنَّ غازان طَلبَ منه الدعاءَ، فقال في دعائه: اللهم إن كنتَ تَعلمُ أنَّه إنَّما قاتلَ لتكون كلمةُ اللهِ هي العليا وجهادًا في سبيلك فأن تؤيده وتنصره، وإن كَانَ للملك والدنيا والتكاثر فأن تفعل به وتصنع، يدعو عليه وغازان يؤمّن على دعائه ونحن نجمع ثيابنا خوفًا أنْ يُقتل فيُطَرْطَشَ بدمه. ثمَّ لما خرجنا قلنا له: كدتَ تهلكنا معك ونحن ما نصحبك من هنا، فقال: ولا أنا أصحبكم، فانطلقنا عُصبةً وتأخر في خاصةِ مَنْ معه، فتسامعت

<<  <   >  >>