للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشَّوْبَك والحصون المنيعة. فبلغت المحارة (١) إلى مصر خمسمائة، وبيع الجمل بألف، والحمار بخمسمائة. وبيعت الأمتعة والثياب والغلات بأرخص الأثمان. وجلس الشَّيخ تقيّ الدِّين ابن تَيْمِيَّة في ثاني صفر بمجلسه في الجامع وحرّض الناس على القتال. وشاق لهم الآيات والأحاديث الواردة في ذلك. ونهى عن الإسراع في الفرار، ورغّب في إنفاق الأموال في الذّب عن المسلمين وبلادهم وأموالهم، وأنّ ما يُنفق في أجرة الهَرَب، إذا أُنفِقَ في سبيل الله كَانَ خيرًا. وأوجب جهاد التتر حتمًا في هذه الكرّة. وتابع المجالس في ذلك. ونودي في البلدان: لا يُسافر أحد إلّا بمرسوم وورقة. فتوقف الناسُ عن السير، وسكن جأشهم. (١٤/ ١٥ - ١٦). (١٧/ ٧٣٥ - ٧٣٦).

واستهل جمادى الأولى والناس على خُطةٍ صعبةٍ من الخوف، وتأخُّر السلطانِ واقتراب العدوِّ، وشدةِ الأمرِ والحالِ، وخرج الشَّيخ تقيّ الدِّين بن تَيْمِيَّة رحمه الله تعالى في مستهلّ هذا الشهر ــ وكان يوم السبت ــ إلى نائب الشَّام وعساكره بالمرج. فثبَّتهم، وقوّى جأشهم، وطيّب قلوبهم، ووعدهم النصر والظفر على الأعداء. وتلا قوله تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠)} [الحج: ٦٠]، وبات عند العسكر ليلة الأحد، ثمَّ عاد إلى دمشق وقد سأله النائب والأمراء أنْ يركب على البريد إلى مصر يستحثُّ السلطان على المجيء.

فساق وراء السلطان. وكان السلطان قد وصل إلى الساحل، فلم يدركه إلا وقد رجع إلى القاهرة وتفارط الحال. ولكنه استحثهم على تجهيز


(١). في المطبوع: الحمارة! والمحارة: شبه الهودج. والمقصود أجرة الحمل إلى مصر.

<<  <   >  >>