للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سنة (٧٠٤)

في رجب منها أُحضر إلى الشَّيخ تقيّ الدِّين ابن تَيْمِيَّة شيخٌ كَانَ يلبس دلقًا كبيرًا متسعًا جدًّا يسمّى المجاهد إبراهيم القطّان. فأمر الشَّيخ بتقطيع ذلك الدلق، فتناهبه الناسُ من كلّ جانب، وقطعوه حتَّى لم يدعوا منه شيئًا. وأمر بِحَلْق رأسه، وكان ذا شعر، وقَلْم أظفاره وكانوا طوالًا جدًّا. وحفَّ شاربه المُسْبل على فمه المخالف للسنّة. واستتابه من كلام الفُحْش، وأكْلِ ما لا يجوز أكله من المحرّمات ومما يغيّر العقل من الحشيشة، وغيرها.

وبعده استحضر الشَّيخ محمد الخبّاز البلاسي، فاستتابه أيضًا عن أكل المحرمّات، ومخالطة أهل الذمّة. وكتب عليه مكتوبًا أن لا يتكلّم في تعبير المنامات ولا في غيرها بما لا علم له به.

وفي هذا الشهر بعينه راح الشَّيخ تقيّ الدِّين ابن تَيْمِيَّة إلى مسجد النَّارَنْج وأمر أصحابه ومعهم حجّارون بقطع صخرة كانت هناك بنهر قَلُوط تُزار ويُنذر لها. فقطعها وأراح المسلمين منها ومن الشرك بها. فأزاح عن المسلمين شبهة كَانَ شرّها عظيمًا وبهذا وأمثاله حسدوه، وأبرزوا له العداوة، وكذلك بكلامه في ابن عربي وأتباعه، فحُسِد على ذلك وعُودي، ومع هذا لم تأخذه في الله لومة لائم، ولا بالى، ولم يصلوا إليه بمكروه، وأكثر ما نالوا منه: الحبس: مع أنه لم ينقطع في بحثٍ، لا بمصر ولا بالشام، ولم يتوجه لهم عليه ما يشين، وإنما أخذوه وحبسوه بالجاه ــ كما سيأتي ــ وإلى الله إياب الخلق وعليه حسابهم. (١٤/ ٣٦). (١٨/ ٤٥ - ٤٧).

وفي مستهلّ ذي الحجة ركب الشَّيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة، ومعه جماعة من أصحابه إلى جبل الجُرْد والكَسْروانيين، ومعه نقيب الأشراف زين الدِّين

<<  <   >  >>