الناس قليل من كثير. فإنّه أُحرقَ منها شيءٌ كثير، ولا قوّة إلَّا بالله.
ومع ذلك قال القاضي (١) الذهبيّ: ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كرّاس وأكثر. وفسّر كتاب الله تعالى مدّة سنين من صدره أيّامَ الجُمع.
ولمّا ولي مشيخة دار الحديث بعد والده، وهو شابّ، وحضره الأعيانُ وأثَنوا عليه وعلى فضائله وعلومه قال الشَّيخ إبراهيم الرقّيّ: الشَّيخ تقيّ الدِّين يؤخذ عنه ويُقلّد في العلوم. فإنْ طال عمرُه ملأ الأرض علمًا وهو على الحقّ. ولا بدَّ أن يعادِيَه الناسُ فإنّه وارثُ علم النبوّة. وقال كمال الدِّين ابن الزملكانيّ: لقد أعطي ابن تَيْمِيَّة اليدَ الطولى في حسن التَّصنيف وجودة العبارة والترتيب والتقسيم والتبيين. وقد ألان اللهُ له العلومَ كما ألان لداود الحديد! ثمَّ كتب على بعض تصانيفه هذه الأبيات من نظمه:
ماذا يقول الواصفون له ... وصفاتُهُ جَلَّتْ عن الحَصْرِ
هو حجَّةٌ للهِ قاهرةٌ ... هو بينَنَا أعجوبةُ الدهرِ
هو آيةٌ في الخَلْقِ ظاهرةٌ ... أنوارُها أرْبَتْ على الفجر
ثمَّ نزغ الشيّطان بينهُما وغلبت على ابن الزملكانيّ أهويته فمالَ عليه مع مَن مال.
وقال قاضي القضاة تقيّ الدِّين أبو الفتح محمد ابن دقيق العيد لمّا اجتمع به عند حضوره إلى القاهرة في سنة سبعمائة: رأيت رجلًا كلُّ العلوم بين عينيه، يأخذ ما يريد ويدَع ما يُريد.