وسكن القاهرة وتردد النَّاس إليه إلى أنْ توجه صحبة الناصر إلى الشَّام بنية الغزاة في سنة (٧١٢) وذلك في شوال، فوصل دمشق في مستهل ذي القعدة فكانت مدة غيبته عنها أكثر من سبع سنين، وتلقاه جمع عظيم فرحًا بمقدمه، وكانت والدته إذ ذاك في قيد الحياة.
ثمَّ قاموا عليه في شهر رمضان سنة (٧١٩) بسبب مسألة الطَّلاق، وأُكِّد عليه المنع من الفتيا، ثمَّ عقد له مجلس آخر في رجب سنة عشرين، ثم حبس بالقلعة ثمَّ أُخرج في عاشوراء سنة (٧٢١).
ثمَّ قاموا عليه مرة أُخرى في شعبان سنة (٧٢٦) بسبب مسألة الزيارة، واعتقل بالقلعة، فلم يزل بها إلى أن مات في ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة سنة (٧٢٨). قال الصّلاح الصّفدي: كَانَ كثيرًا ما ينشد:
تموتُ النفوسُ بأوْصابِها ... ولم تدرِ عوَّادُها ما بها
وما أنْصَفَتْ مهجةٌ تشتكي ... أذاها إلى غيرِ أحبابها
وكان يُنْشد كثيرًا:
مَنْ لم يُقَدْ ويُدَسَّ في خَيْشومِهِ ... رَهَجُ الخميسِ فلن يقودَ خميسا
وأنشد له على لسان الفقراء:
والله ما فَقْرُنا اختيارُ ... وإنّما فقرُنا اضطرارُ
جماعةٌ كُلُّنا كُسالى ... وأكلُنا ما لهُ عيارُ
تسمعُ منّا إذا اجتمعنا ... حقيقةً كُلُّها فشارُ
وسرد أسماء تصانيفه في ثلاثة أوراق كبار، وأورد فيه من أمداح أهل عصره كابن الزَّمْلكاني قبل أنْ ينحرف عليه، وكأبي حيّان كذلك وغيرهما،