للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: ورثاه محمود بن عليّ الدقوقي ومجير الدِّين ابن الخياط وصفي الدِّين عبد المؤمن البغدادي وجمال الدِّين ابن الأثير وتقي الدِّين محمد بن سليمان الجعبري وعلاء الدِّين بن غانم وشهاب الدِّين ابن فضل الله وزين الدِّين ابن الوردي وجمع جمّ وأورد لنفسه فيه مرثية على قافية الضاد المعجمة.

قال الذَّهَبيّ ما ملخصه: كَانَ يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف واستدل ورجّح وكان يحق له الاجتهاد لاجتماع شروطه فيه.

قال: وما رأيتُ أسرع انتزاعًا للآيات الدالة على المسألة الَّتي يوردها منه، ولا أشد استحضارًا للمتون وعزوها منه كأن السُّنة نصب عينيه وعلى طرف لسانه بعبارة رشيقة وعين مفتوحة، وكان آية من آيات الله في التفسير والتوسع فيه. وأما أُصول الديانة ومعرفة أقوال المخالفين فكان لا يشق غباره فيه. هذا مع ما كَانَ عليه من الكرم والشجاعة والفراغ عن ملاذِّ النفس ولعلَّ فتاويه في الفنون تبلغ ثلثمائة مجلد بل أكثر، وكان قوَّالًا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم.

ثمَّ قال: ومن خالطه وعرفه؛ فقد ينسبني إلي التقصير فيه، ومن نابذه وخالفه قد ينسبني إلى التغالي فيه، وقد أُوذيت من الفريقين؛ من أصحابه وأضداده، وكان أبيض أسود الرأس واللحية قليل الشيب، شعره إلى شحمة أذنية وكأن عينيه لسانان ناطقان، رَبْعةً من الرِّجال، بعيد ما بين المنكبين، جهوري الصوت فصيحًا سريع القراءة تعتريه حِدّة لكن يقهرها بالحلم.

قال: ولم أر مثله في ابتهاله واستغاثته وكثرة توجُّهه، وأنا لا أعتقد فيه عصمة، بل أنا مُخالف له في مسائل أصلية وفرعية، فإن كَانَ مع سعة علمه،

<<  <   >  >>