للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لطيفة طائية، وقال جمال الدِّين السُّرمري في «أماليه»: ومن عجائب ما وقع في الحفظ من أهل زماننا: أنَّ ابن تَيْمِيَّة كَانَ يمر بالكتاب مطالعةً مرّة فينتقش في ذهنه وينقله في مصنَّفاته بلفظه ومعناه، وقال الآقشهري في «رحلته» في حق ابن تَيْمِيَّة: بارع في الفقه والأصلين والفرائض والحساب وفنون أُخر، وما من فنِّ إلا له فيه يدٌ طُولى، وقلمه ولسانه متقاربان.

قال الطوفي: سمعته يقول: من سألني مستفيدًا حقَّقت له، ومن سألني متعنتًا ناقضته فلا يلبث أنْ ينقطع فأُكفى مؤنته.

وذكر تصانيفه وقال في كتابه «إبطال الحيل»: عظيم النفع، وكان يتكلّم على المنبر على طريقة المفسرين مع الفقه والحديث فيورد في ساعة من الكتاب والسنة واللغة والنظر ما لا يقدر أحد على أن يورده في عدّة مجالس كأّنَّ هذه العلوم بين عينيه يأخذ منها ما يشاء ويذر، ومن ثمَّ نُسِب أصحابه إلى الغلو فيه واقتضى له ذلك العُجْب بنفسه! حتَّى زُهي على أبناء جنسه! واستشعر أنَّه مجتهد فصار يرد على صغير العلماء وكبيرهم قديمهم وحديثهم، حتَّى انتهى إلى عمر فخطّأه في شيء، فبلغ الشَّيخ إبراهيم الرقي فأنكر عليه فذهب إليه واعتذر واستغفر، وقال في حق عليّ: أخطأ في سبعة عشر شيئًا ثمَّ خالف فيها نص الكتاب منها اعتداد المتوفى عنها زوجها أطول الأجلين، وكان لتعصُّبه لمذهب الحنابلة يقع في الأشاعرة حتَّى إنَّه سبَّ الغزالي، فقام عليه قوم كادوا يقتلونه (١). ولما قدم غازان بجيوش التتر إلى


(١) ما نقله الحافظ هنا عن الآقشهري أو غيره لم نجده في المصادر السابقة! ولم نجد ما يوافق ما ذكر في مؤلفات الشيخ - رحمه الله -.

<<  <   >  >>