للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعاب به ويشان، وقد جرى علي جلّة من التَّابعين الكبار، من قتل وقيد وحبس وإشهار، وقد حبس الإمام أبو حنيفة - رضي الله عنه -، ومات في الحبس، فهل قال أحدٌ من العلماء: إنَّه حبس حقًّا.

وحُبِس الإمام أحمد - رضي الله عنه -، وقُيِّد لما قال قولًا صدقًا.

والإمام مالك - رضي الله عنه - ضُرِب ضربًا مؤلمًا شديدًا بالسياط.

والإمام الشَّافعيّ - رضي الله عنه - حمل من اليمن إلى بغداد بالقيد والاحتياط.

وليس ببدع أن يجري على هذا الإمام ما جرى على هؤلاء الأئمة الأعلام.

وكان آخر حبسه بقلعة دمشق، وتوفي فيها في الثلث الأخير من ليلة الاثنين المسفر صباحها عن عشرين من ذي القعدة، من سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وكان مرضه سبعةَ عشر يومًا، وصلى عليه بباب القلعة الشَّيخ محمد بن تمام، ثمَّ صلوا عليه في الجامع الأموي، ثمَّ دفن في مقابر الصوفية إلى جانب أخيه الشَّيخ شرف الدين.

ومولده في عاشر ربيع الأوَّل سنة إحدى وستين وستمائة بحران، وقدم مع والده إلى دمشق.

ووقت الصلاه عليه امتلأ الجامع أكثر من يوم الجمعة، وحضرت الأمراء والحجاب وحملوه على رؤوسهم وخرجوا به من باب الفرج، وامتد الخلق إلى مقابر الصوفية، وختموا على قبره ختمات، وبات أصحابه على قبره لياليَ عديدة. ورثاه الإمام زين الدِّين عمر ابن الوردي - رحمه الله - بقصيدة منها قوله:

<<  <   >  >>