للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كُنّا نُحدَّث عن حَبْرٍ يجيءُ فها ... أنت الإمامُ الذي قد كان يُنتظر

فإذا كَانَ هذا الإمام بهذا الوصف بشهادة هذا العلامة، وبشهادة غيره من العلماء الكبار، فماذا يترتب على من يطلق عليه: الزندقة أو ينبذه بالكفر؟ ولا يصدر هذا إلّاِ عن غبي جاهل، أو مجنون كامل.

فالأول: يعزر بغاية التعزير، ويُشَهَّر في المجالس بغاية التشهير، بل يؤبد في الحبس إلى أنْ يحدث التوبة، أو يرجع عن ذلك بأحْسن الأوبة.

والثاني: يداوى بالسلاسل والأصفاد، والضرب الشديد بلا أعداد، وهذا كله من فساد أهل هذا الزمان، وتواني ولاة الأمور عن إظهار العدل والإحسان، وقطع دابر المفسدين، واستئصال شأفة المدبرين، حيث يتصدى جاهل يدعي أنَّه عالم، بثلب أعراض علماء المسلمين، ولا سيمَا الَّذين مضوا إلى الحق بالحق، وبه كانوا عادلين.

وهذا الإمام مع جلالة قدره في العلوم، نقلت عنه على لسان جم غفير من الناس كرامات ظهرت منه بلا التباس، وأجوبة قاطعة عند السؤال منه عن المعضلات، من غير توقف منه بحالة من الحالات.

ومن جملة ما سئل عنه وهو على كرسيه، يعظ الناس والمجلس غاص بأهله، في رجل يقول: ليس إلَّا الله. ويقول: الله في مكان، هل هو كفر أو إيمان؟

فأجاب على الفور: من قال: إنَّ الله بذاته في كل مكان، فهو مخالف للكتاب والسنة وإجماع المسلمين، بل هو مخالف للْمِلَل الثلاث، بل الخالق سبحانه وتعالى بائن من المخلوقات ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته، بل هو الغني عنها، البائن بنفسه منها. ولقد اتفق الأئمة من الصَّحابة والتابعين، والأئمة الأربعة وسائر أئمة الدين، أَنَّ

<<  <   >  >>