للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفقهاء منهم نصر المنبجي وابن مخلوف قاضي المالكيّة، وطُلب الشَّيخ على البريد إلى القاهرة، وعُقد له ثاني يوم وصوله ــ وهو ثاني عشري رمضان سنة خمس وسبع مئة مجلسٌ بالقلعة، ادُّعي عليه بدعاوى عند ابن مخلوف قاضي المالكية، فاستخصم الشَّيخ ابن مخلوف القاضي، ولم يثبت عليه ما يُوجب التَّعزير ولا غيره، ثمَّ حبس هو وأخوه شرف الدِّين في برجٍ أيّامًا ويقال: إنَّ أخاه شرف الدِّين ابتهل ودعا الله عليهم، فمنعه الشَّيخ، وقال له: بل قل: اللهم هب لهم نورًا يهتدون به. وحصل أذًى كثيرٌ للحنابلة بالقاهرة، واستمرَّ الشَّيخ في السّجن، وهو متوجه إلى الله تعالى، لا يقبل شيئًا من الكُسْوة السُّلطانية، ولا تَدنَّس بشيءٍ من ذلك.

ثمَّ في ربيع الأوَّل سنة سبع وسبع مئة أخرج الشَّيخ من السّجن، وعقد له مجالس حضرها أكابر الفقهاء، وانفصلت علي خيرٍ، ثمَّ أُطلق وامتنع من المجيء إلى دمشق، وأقام بالقاهرة يقرئ العلم ويتكلم في الجوامع والمجالس العامة، ويجتمع عليه خلق، ثمَّ حصل بينه وبين جماعة من الصُّوفية تنازع، وعقد له مجلس لكلامه في ابن عربي، وادّعي عليه بأشياء لم يثبت شيء منها، فطلب من بعض القضاة الحكم عليه بالحبس، فلم يتوجّه عليه الحكم بذلك، فاختار الشَّيخ أنْ يحبس فأُرسل إلى حبس القاضي وأُجلس في الموضع الَّذي أجلس فيه القاضي تقي الدِّين ابن بنت الأعز لمَّا حبس.

وكل ذلك بسعي نصر المنبجي، واستمرّ الشَّيخ في الحبس يستفتى، ويقصده النَّاسُ ويزورونه، وتأتيه الفتاوى المشكلة من الأمراء وأعيان النَّاس، ثمَّ أخرجوه في سلطنة بيبرس الشَّشْنكير الملقب بالمظفر إلى

<<  <   >  >>