للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخُلقًا واتِّباعًا، وكرمًا، وحلمًا، وقيامًا في حقِّ الله عند انتهاك حُرُماته، أصدق النَّاس عقدًا، وأصحهم علمًا، وعزمًا، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحقّ وقيامه همةً، وأسخاهم كفًّا، وأكملهم اتباعًا لنَبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم -. ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلى النُّبُوة المحمدية وسُننها من أقواله وأفعاله إلَّا هذا الرَّجل، يشهد القلب الصحيح أنَّ هذا هو الاتباع حقيقة.

وقال الشَّيخ تقي الدِّين بن دقيق العيد، وقد سئل عن ابن تَيْمِيَّة بعد اجتماعه به: كيف رأيته؟ فقال: رأيت رجلًا سائر العلوم بين عينيه، يأخذ ما شاء منها ويترك ما شاء، فقيل له: فلم لا تتناظران؟ قال: لأنَّه يحب الكلام وأحبُّ السّكوت.

وقال برهان الدِّين بن مُفلْح في «طبقاته»: كتب العَلّامة تقي الدِّين السُّبْكي إلى الحافظ الذَّهَبيّ في أمر الشَّيخ تقي الدِّين ابن تَيْمِيَّة: فالمملوك يتحقق قدره وزخارة بحره وتوسّعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وأنَّه بلغ من ذلك كل المبلغ الَّذي يتجاوزه الوصف، والمملوك يقول ذلك دائمًا، وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجلُّ، مع ما جمعه الله تعالى له من الزَّهَادة، والوَرَع، والدِّيانة، ونصرة الحقِّ، والقيام فيه لا لغرض سواه، وجريه على سنن السَّلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفي، وغرابة مثله في هذا الزَّمَان، بل من أزمان. انتهى.

وقال العَلّامة الحافظ ابن ناصر الدِّين في «شرح بديعته» بعد ثناء جميل وكلام طويل: حَدَّث عنه خلقٌ، منهم الذَّهَبيّ، والبِرزالي، وأبو الفتح بن سيد النَّاس، وحدَّثنا عنه جماعة من شيوخنا الأكياس.

وقال الذَّهَبيّ في عدَّ مصنّفاته المجوّدة: وما أُبعد أن تصانيفه إلى الآن

<<  <   >  >>