للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قطعتم من أشجار الناس. ثمَّ إن غازان طلبَ منه الدعاءَ، فقال: اللهمّ إن كنتَ تَعلمُ أنه إنما يقاتل لتكون كلمةُ اللهِ هي العليا وجهادًا في سبيلك فان تؤيده وتنصره، وإن كان للملك والدنيا والتكاثر فان تفعل به وتصنع، يدعو عليه وغازان يؤمن على دعائه ونحن نجمع ثيابنا خوفًا أن يُقتل فيطرطش بدمه. ثم لما خرجنا قلنا له: كدتَ تهلكنا معك ونحن ما نصحبك من هنا، قال: ولا أنا أصحبكم، فانطلقنا عُصبةً، وتأخر في خاصة من معه، تسامعت الخوانين والأمراء، فأتوه من كل فج عميق، وصاروا يتلاحقون به ليتبركوا برؤيته، فأما هو فما وصل إلا في نحو ثلثمائة فارس في ركابه، أما نحن فخرج علينا جماعة، فسلحونا.

وكان قاضي القضاة أبو عبد الله الحريري يقول: إن لم يكن ابن تيمية شيخ الإسلام فمن هو؟ !

ثم بعد ذلك تمكن ابن تيمية - رضي الله عنه - في الشام حتى صار يَحلِق الرؤوس ويضرب الحدود ويأمر بالقطع والقتل. ثم ظهر الشيخ نصر المنبجي واستولى على أرباب الدولة بالقاهرة، وشاع أمره وانتشر، فقيل لابن تيمية - رضي الله عنه -: إن نصرًا اتّحادي، وإنَّه ينصر مذهب ابن عربي وابن سبعين، فكتب إليه نحو ثلاثمائه سطر يُنكر عليه، فتكلم نصر المنبجي مع قضاة مصر في أمره، وقال: هذا مبتدع، وأخاف على الناس شرَّه، فحسَّنَ القضاةُ للأمراء طلبَه إلى القاهرة، وأن يُعقد له مجلس، [فعُقد له مجلس] بدمشق، فلم يرضَ نصر المنبجي وقال لابن مخلوف: قل للأمراء: إن هذا يُخشَى على الدولة منه، كما جرى لابن تومرت في بلاد المغرب فطُلِبَ من الأفرم نائب دمشق، فعُقِد له مجلس ثانٍ وثالث، بسبب العقيدة الحموية، ثم

<<  <   >  >>