للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سكنت القضية إلى أيام الجاشنكير، فأوهمه الشيخ أن ابن تيمية يُخرِجهم من الملك ويُقيم غيرَهم، فطُلِب إلى مصر، فتمانع نائب الشام، وقال: قد عُقِد له مجلسان بحضرتي وحضره القضاة والفقهاء، وما ظهر عليه شيء، فقال الرسول لنائب دمشق: أنا ناصح لك، وقد قيل إنه يجمع الناسَ عليك، وعقد لهم بيعة، فجزع من ذلك، وأرسله إل القاهرة في سنة خمس، وكتب معه كتابًا إلى السلطان، وكُتِب معه محضر فيه خطوط جماعة من القضاة وكبار الصلحاء والعلماء بصورة ما جرى في المجلسين، وأنه لم يثبت فيهما عليه شيء، ولا مُنِع من الإفتاء، فما التفت إلى شيء من ذلك، وسُجِن بالإسكندرية مدةً، ثم عاد إلى دمشق.

وحُكِي من شجاعته في مواقف الحرب نوبة شقحب ونوبة كسروان ما لم يُسمع إلا عن صناديد الرجال وأبطالِ القتال وأحلاسِ الحرب، تارةً يباشر القتال، وتارةً يُحرِّض عليه.

ولما جاء السلطان إلى شقحب لاقاه إلى قرن الحرَّة، وجعل يشجِّعه ويُثبِّته، فلما رأى السلطان كثرة التتار قال: يا لخالد بن الوليد، فقال له: لا تقل هذا، وقل يا الله، واستغثْ بالله ربَّك، ووحِّدْه وحدَه تُنْصر، وقل: يا مالكَ يوم الدِّين إياك نعبد وإياك نستعين. ثم ما زال يُقبل تارةً على الخليفة وتارةً إلى السلطان يُهدّئُهما ويَربِط جأشهما حتى جاءَ نصرُ الله والفتح.

وحُكي أنه قال للسلطان: اثبُتْ فإنك منصور، فقال له بعض الأمراء: قل: إن شاء الله، فقال: إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا، فكان كما قال.

قال الشيخ المقرئ عبد الله بن أحمد بن سعيد: مرضتُ بدمشق مرضًا شديدًا، فجاءني ابن تيمية - رضي الله عنه -، وجلس عند رأسي وأنا مُثقَل بالحمَّى

<<  <   >  >>