للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمرض، فدعا لي، ثم قال: جاءت العافية، فما كان إلا أن قام وفارقني، وإذا بالعافية قد جاءت، وشُفِيتُ لوقتي.

وكان يجيئه من المال في كل سنة ما لا يكاد يُحصى، فيُنفقه جميعه آلافًا ومئين، لا يلمس منه درهمًا بيده، ولا ينفقه في حاجةٍ له، وكان يعود المرضى، ويُشيّع الجنائز، ويقوم بحقوق الناس، ويتألَّف قلوب الناس، ولا ينسب إلى باحثٍ لديه مذهبًا، ولا يحفظ لمتكلم عنده زلَّةً، ولا يشتهي طعامًا، ولا يمتنع من شيء منه، يأكل مما حضر، لا يتكدَّرُ صفوه، ولا يسأمُ عفوُه.

وآخر أمره أنه تكلَّم في مسألتي الزيارة والطلاق، فأُخِذ وسُجِن في قلعةِ دمشق في قاعة، فتوفي بها وصُلِّي عليه بالقلعة، ثم حُمِل على أصابع الرجال إلى جامع دمشق ضَحوةَ النهار، وصُلّي عليه، ودُفن بمقبرة الصوفية، وما وصل إلى قبرِه إلا وقت العصر، وخرج الناس من جميع أبواب البلد، وكانوا خلقًا لا يُحصيهم إلا الله تعالى، وحُزِر الرجال بستين ألفًا والنساء خمسة آلاف، وقيل أكثر من ذلك. ورُئِيت له منامات صالحة. ورثاه جماعات من الناس بالشام وبمصر والعراق والحجاز والعرب من آل فضلٍ.

هذا ما أورده شهاب الدِّين أحمد بن يحيى بن محمد الكرماني العمري الشافعي المعروف بابن فضل الله الدمشقي في كتابه «مسالك الأبصار في أخبار ملوك الأمصار».

ونقلت عن «إتحاف النبلاء المتقين بإحْياء مآثر الفقهاء والمحدثين» للسيد البدر الكامل العلَّامة المعروف بإحياء المعارف إلى يوم القيامة، الفائح عَرْفه بين كل نجد وتهامة، القائم بأعباء الإيمان ثم الاستقامة، المضاهي بالسلف الصالح سيماءً وعلامة، المستمطر ببركاته إذا بخلت

<<  <   >  >>