ثابت الجأش، له أوراد وأذكار يُديمها، وله من الطرف الآخر محبون من العلماء والصلحاء والجند والأُمراء والتجار والكبراء، وسائر العامة تحبه، وبشجاعته تُضْرب الأمثال وببعضها يتشبه أكابر الأبطال، ولقد أقامه الله في نوبة غازان والتقى أعباء الأمر بنفسه واجتمع بالملك مرتين، وبخطلو شاه وبولاي، وكان قبجق يتعجب من إقدامه وجرأته على المغل.
قال القاضي المنشئ شهاب الدِّين أبو العَبَّاس أحمد بن فضل الله في ترجمته: جلس الشَّيخ إلى السلطان محمود غازان حيث تجم الأُسد في آجامها، وتسقط القلوب دواخل أجسامها، وتجد النار فتورًا في ضَرَمها والسيوف فرقًا في قرمها خوفًا من ذلك السبع المغتال والنمروذ المختال، والأجل الَّذي لا يدفع بحيله محتال فجلس إليه وأومأ بيده إلى صدره وواجهه ودرأ في نحره، وطلب منه الدعاء. فرفع يديه ودعا دعاء منصف أكثره عليه، وغازان يؤمن علي دعائه.
وكتب ابن الزَّمْلَكاني على بعض تصانيف ابن تَيْمِيَّة هذه الأبيات:
ماذا يقولٌ الواصفونَ له ... وصِفاته جلَّت عن الحَصْرِ
هو حُجّة لله قاهرةٌ ... هُو بيننا أُعجوبة العصر
هو آية في الخَلْق ظاهِرَةٌ ... أنوارها أرْبَتْ على الفَجْر
قال القاضي أبو الفتح بن دقيق العيد: لما اجتمعت بابن تَيْمِيَّة رأيت رجلًا كل العلوم بين عينيه يأْخذ ما يريد ويدع ما يريد. وحضر عنده شيخ النحاة أبو حيَّان وقال: ما رأت عيناي مثله. وقال فيه على البديهة أبياتًا منها: