للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأظْهَرَ الحقَّ إذْ آثارُهُ دَرَسَتْ ... وأخمدَ الشَّرَّ إذ طارتْ له الشَّرَرُ

كُنّا نُحدَّث عن حَبْرٍ يجيءُ فهَا ... أنتَ الإمامُ الذي قَد كان يُنتظر

قال ابن الوردي في «تاريخه» بعد ذلك كلّه: هوأّكبر من أن ينبه مثلي على نعوته، فلو حلفت بين الركن والمقام لحلفت: أني ما رأيت بعيني مثله ولا رأى هو مثل نفسه في العلم، وكان فيه قلَّة مداراة وعدم تؤدة غالبًا، ولم يكن من رجال الدول ولا يسلك معهم تلك النواميس، وأعان أعداءه على نفسه بدخوله في مسائل كبار لا يحتمل عقول أبناء زماننا ولا علومهم، كمسألة: التكفير في الحلف بالطلاق، ومسألة: أنَّ الطلاق بالثلاث لا يقع إلَّا واحدة، وأنَّ الطلاق في الحيض لا يقع.

وساس نفسه سياسة عجيبة فحبس مراتٍ بمصر ودمشق والإسكندرية، وارتفع وانخفض واستبد برأْيه وعسى أنْ يكون ذلك كفارة له، وكم وقع في صعب بقوة نفسه وخلصه الله، وله نظم وسط، ولم يتزوج ولا تسرَّى ولا كَانَ له من المعلوم إلَّا شيء قليل، وكان أخوه يقوم بمصالحه، وكان لا يطلب منهم غداء ولا عشاء غالبًا، وما كانت الدنيا منه على بال، وكان يقول في كثير من أحوال المشايخ إنها شيطانية أو نفسانية فينظر في متابعة الشَّيخ الكتاب والسنة فإن كَانَ كذلك فحاله صحيح وكشفه رحماني غالبًا وما هو بالمعصوم، وله في ذلك عدة تصانيف تبلغ مجلدات، من أعجب العجب، وكم عوفي من صرع الجني إنسان بمجرد تهديده للجني، وجَرَت له في ذلك فصول ولم يفعل أكثر من أن يتلوَ آيات ويقول: إن لم تنقطع عن هذا المصروع وإلّا عملنا معك حكم الشرع وإلّا عملنا معك ما يرضي الله ورسوله.

<<  <   >  >>