للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسائل الَّتي أنكرها السلف علي من شذ بها.

أقول: وهذا الإنكار منهم عليه إنكار جاهل على عالم، والمرء عدو لما جهل، والذي تفرد به شيخ الإسلام من بعض المسائل قد أثبته جماعة من أهل العلم بالأدلة الصحيحة المحكمة الثابتة، وذبّوا جنابه الرفيع عن تلك الإيرادات، ولهذا قال الذَّهَبيّ: غالب حطه على الفضلاء والمتزهدة حق، وفي بعضه هو مجتهد، ولا يكفر أحدًا إلَّا بعد قيام الحجة عليه، قال: ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية؛ واحتج ببراهين ومقدمات، وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجسر هو عليها حتَّى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قيامًا لا مزيد عليه، وبدَّعوه وناظروه وكابروه، وهو ثابت لا يداهن بحال ولا يحابي، بل يقول الحق المرَّ الَّذي أدَّاه إليه اجتهاده وحدة ذهنه وقوة عقله وفهمه وسعة دائرته في السنن والأقوال، مع ما اشتهر عنه من الورع وكمال الفكرة وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرمات الله، فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قد رموه عن قوس واحدة، فينجيه الله، فإنه دائم الابتهال، كثير الاستعانة، قوي التوكل، ثابت الجأش، وله من الشطر الآخر محبون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء، ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه، لأَنَّه منتصب لنفعهم ليلًا ونهارًا، بلسانه وقلمه.

وأما شجاعته: فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتشبه الأكابر الأبطال، فلقد أقامه الله في نوبة غازان، والتقى أعباء الأمر بنفسه، وقام وقعد وطلع وخرج، واجتمع بالملك مرتين، وكان «قبجق» يتعجب من إقدامه وجرأته

<<  <   >  >>