قال الحافظ ابن القيم: سمعت «ابن تَيْمِيَّة» ــ قدس الله روحه، ونور ضريحه ــ يقول في الحبس:«إنَّ في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة»، قال: وقال لي مرة: ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي في قلبي، وبستاني في صدري، أين رحت فهي معي لا تفارقني، أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة.
وكان في حبسه يقول: لو بذلت ملء هذه القلعة ذهبًا ما عدل عندي شكر هذه النعمة ــ أو قال: ما جزيتهم على ما تسببوا لي من الخير ــ أو نحو هذا.
وقال مرة: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه. ولما دخل إلى القلعة، وصار داخل سورها، نظر إليه، وقال: {بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (١٣) يُنَادُونَهُمْ} [الحديد: ١٣] انتهي حاصله.
قال ابن رجب: وأما تصانيفه فهي أشهر من أن تذكر وأعرف من أن تنكر، سارت مسير الشمس في الأقطار، وامتلأت بها البلاد والأمصار. قد جاوزت حد الكثرة، فلا يمكن أحدًا حصرها، ولا يتسع هذا المكان لعدِّ المعروف منها، ولا ذكرها، ثمَّ ذكر نبذة من أسماء أعيان مصنفاته الكبار، ثمَّ ذكر طرفًا من مفرداته وغرائبه، منها: أنَّه اختار ارتفاع الحدث بالمياه المعتصره كالورد ونحوه.
واختار جواز المسح على النعلين والقدمين، وكلّ ما يحتاج في نزعه من الرِّجل إلى معالجته باليد أو بالرجل الأخرى، فإنه يجوز عنده المسح عليه مع القدمين.
واختار أنَّ المسح على الخفين لا يتوقت مع الحاجة كالمسافر على