للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثقال إذا لاقوا خفاف إذا دعوا ... كثير إذا شدوا قليل إذا عدوا (١)

فالشاعر قد أضاف هنا كل حال ما يلائمها، بأن أضاف إلى الثقل حال ملاقاتهم الأعداء، وإلى الخفة حال دعوتهم إلى الحرب، وإلى الكثرة حال شدهم وهجومهم على الأعداء في الحرب، وإلى القلة حال عدّهم وإحصائهم، لأنهم إذا غلبوا أعداءهم في قلة عددهم، كان هذا أفخر لهم من الكثرة.

ومنه قول زهير:

يطعنهم ما ارتموا حتى إذا طعنوا ... ضارب حتى إذا ما ضاربوا اعتنقا

فزهير قد أتى في هذا البيت بجميع ما استعمله الممدوح مع أعدائه في وقت الهياج والحرب مضيفا إلى كل حال ما يلائمها، وذلك بأن أضاف إلى طعن الممدوح لأعدائه حالة ارتمائهم، وإلى ضربه إياهم حالة طعنهم، وإلى اعتناقه حالة مضاربتهم. فهو في كل حال يتقدم خطوة على أقرانه.

ومنه قول طريح الثقفي:

إن يسمعوا الخير يخفوه وإن سمعوا ... شرا أذاعوا، وإن لم يسمعوا كذبوا

فهنا أضاف الشاعر إلى سماع الخير حالة إخفائه، وإلى سماع الشر حالة إذاعته، وإلى عدم سماعهم خيرا أو شرا حالة الكذب.

...

والأمر الثالث الذي قد يطلق التقسيم عليه يتمثل في التقطيع، ويقصد به تقطيع ألفاظ البيت الواحد من الشعر إلى أقسام تمثل تفعيلاته


(١) القنا: الرماح، كنى بها الشاعر عن نفسه، وبالمشايخ عن أصحابه، لا يفارقهم اللثام ولا ترى لحاهم فكأنهم مرد. واللثام في الحرب عادة العرب، لئلا تسقط عمائمهم.

<<  <   >  >>