أي هذا الكتاب فيما يتعلَّق بأحكام الجنايات. قال في المصباح: جنى على قومه جناية أذنب ذنبًا يؤاخذ به. وغلبت الجناية في ألسنة الفقهاء على الجرح والقطع، والجمع جنايات وجنايا، مثل عطايا اهز قال ابن عرفة: نَقَلَ الأصوليون إجماع الملل على وجوب حفظ الأديان والنفوس والعقول والأعراض والأموال والأنساب، فإن ي القصاص حفظًا للدماء، وفي القطع للسرقة حفظ للأموال، وفي الحد للزنا حفظ الأنساب وفي الحد للشرب حفظ العقول، وفي الحد للقذف حفظ الأعراض، وفي القتل للردة حفظ الدين. والأصحُّ عند مالك أن الحدود جوابر أي كفارات. وقيل زواجر، وعليه الشافعي. وبدأ المصنف من تلك المذكورات بقتل النفس عمدًا لأنه أشد الذنوب وأعظمها بعد الكفر، للآيات، والأحاديث، وإجماع سائر المِلَل على حُرْمة قَتْلِ النفس بغير حق، فَمِن ذلك حديث:"لو أن أهل السماء والأرض، اشتركوا في دم مؤمن لأكبَّهم اللهَّ في النار: وحديث: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم" وحديث من اشترك في دم امرئ مسلم بشطر كلمة جاء يوم القيامة بين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله حتى اختلف الصحابة ومن بعدهم في قبول توبة قاتل العمد. فآية الفرقان ظاهرها له التوبة، وظاهر آية النساء لا توبة له، وهو قول مالك؛ لأن شرط التوبة من مظالم العباد تحللهم منها ورد تبعاتهم، ولا سبيل للقاتل لذلك، إلا أن يدرك المقتول حيًا فيعفو عنه ويحلله من دمه، مع اتفاق أهل السنة ممن قال بتنفيذ الوعيد، وممن لم يقل به أنه لا يخلد في النار اهـ. النفراوي. ولا شكَّ أن قَتْلَ المسلم عَمْدًا عدوانًا كبيرة ليس بعد الكفر أعظم منها كما تقدم.
قال رحمه الله تعالى: "يجب بقتل العمد القاص عينًا غلا أن يصطلحا على