للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رحمه اللَّه تعالى: "فَإِنِ الْتَبَسَ عَن الْمَنْقُولِ إِليْهِ لَمْ يَحْكُمْ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَيَشْهَدَ عَدْلاَنِ عِنْدَهُ بِذلِكَ كَانَ المَكْتُوبُ إِلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ" يعني فإن التَبَسَ للقاضي أمْرُ القضاء فلا يجوز له تنفيذه حتى يثبت وَجْهَ القضاء فيه ويتحقَّق أنه هو الحُكْمُ الشرعي والمحكوم عليه هو المراد بإيقاع الحُكْم عليه بدون شك ولا تردُّد، سواء كان غائبًا أو حاضرًا. قال المصنَّف: ولا يَحْكُم حتى يسمع تمام الدعوى والبيَّنة. وقال في محل آخر: ولا يَحْكُمُ وعنده شكٌّ أو تردُّد. قلتُ: فإن فعل ذلك مع شكًّ أو تردُّد فللمحكوم عليه القيام بطلب فسْخ الحُكْم. انظره في فصل قيام المحكوم عليه في تبصرة ابن فرحون. وينبغي أنَ يقيَّد القاضي أسماء الشهود للمراجعة عند الحاجة. قال ابن فرحون: ولسحنون في المجموع أن تسمِيَتَهم لا تلزم في الحْكْم على الغائب. وسَوَّى أصبغ في هذا بين الحُكمِ على الغائب والحاضر، وبه جرى العمل فهو في الحاضر مستحبٌّ وفي الغائب واجبٌ لإرجاء الحجة له اهـ. ولمَّا أنهى الكلام على ما تعلَّق بأحكام الغائب انتقل يتكلم على الشهادة وأحكامها فقال رحمه اللَّه تعالى:

فَصْلٌ

في الشهادة

أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام الشهادة وشروطها، وهي لغة: الإعلام، وعُرْفًا: إخبار عَدْل حاكمًا بِما عَمِمَ ولو بأمر عام ليَحْكُمَ بمقتضاه، وحُكْمُهما أنها فَرْضُ كفاية، ولذا قال رحمه اللَّه تعالى: "تَحَمُّل الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ إلاَّ أَنْ يَخَافَ فَوَات الْحقَّ فَيَتَعَيَّنُ" يعني أن أصل الشهاد فَرْضُ كفاية ويعرض عليها الوجوب فتتعيَّن بخوف فوات الحقّ. قال ابن جزي في القوانين في الباب التاسع في أوّله المسألة: تحمُّل الشهادة وأداؤها وكلاهما فَرْضُ كفاية إلاَّ إن تُعَيَّن، أمَّا التحمُّل فلا يجب على الشاهد أ، يتحمَّل إلاَّ أن يُفتقر إليه ويُخشى تَلَفُ الحقوق لعَدَمِه. وأمَّا أداء الشهادة فيجب على مَنْ تحمَّلها إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>