للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أنهى الكلام على ما يتعلق بأحكام الغصب انتقل يتكلم على ما يلزم على الشخص من المواساة، وإنقاذ المستهلك من نفس ومال وغير ذلك مما وَجَبَ على الإنسان وهي أحكام شتّى. قال رحمه الله تعالى:

فَصْلٌ

فيما يلزم الإنسان من المواسات في بعض الحالات

أي في بيان ما يلزم على الإنسان من المواساة والمحافظة من أمور الدين والدنيأن والدفع عن النفس والمال والدين والعرض والنسب كما تقدم، ويجب عليه حفظ الحقوق وعدم التعدي والاعتداء على حق الغير؛ لأنه يلزم بذلك من الأحكام ما لا يدخل تحت الحصر فبدأ رحمه الله تعالى بما هو أهم من إنقاذ نفس أو مال فقال: "من أمكنه إنقاذ نفس أو مال من مهلكة فلم يفعل ضمن، كإتلافه عمدًا أو خطأ، والمنفعة المقصودة كالعين، وفي اليسير يلزم ما نقص" يعني أن من أمكنه إنقاذ النفس أو المال ولم يفعل مع القدرة على ذلك وجب عليه الضمان، كأن أتلف ذلك عمدًا أو خطأ؛ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء. قال ابن جزي: الثالث أي من أقسام التعدي الاستهلاك بإتلاف الشيئ، كثتل الحيوان أو تحريق الثوب كله أو تخريقه، وقطع الشجر وكسر الفخار، وإتلاف الطعام والدنانير والدراهم وشبه ذلك، ويجري مجراه التسبب في التلف كمن فتح حانوتًا لرجل فتركه مفتوحً فسرق، أو فتح قفص طائر فطار، أو حل دابة فهربت، أو حل عبدًا موثوقًا بأبق، أو أوقد ناراً ي يوم ريح فأحرقت شيئًا، أو حفر بئرًا بحيث يكون حفره تعديًا فسقط فيه إنسان أو بهيمة، أو قطع وثيقة فضاع ما فيها من الحقوق، فمن فعل شيئًا من ذلك فهو ضامن لما استهلكه، أو أتلفه، أو تسبب في إتلافه سواء فعل ذلك كله عمدًا أو خطأ، وإليه أشار رحمه الله تعالى بقوله: "وفاتح القفص، وإن تراخى الطيران، كقيد عبد أو دابة، وتحريق وثيقة وكتم شهادة يتوي بها

<<  <  ج: ص:  >  >>