للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكسُّب وشرطوا عليه ذلك إذا فلَّس فلا يعمل بذلك الشرط، وسواء كان صانعًا أو تاجرًا، خلافًا لما في الحطاب نَقْلاً عن اللخمي مَنْ جَبَرَهُ على التكسّب إذا كان صانعًا وشرط عليه التكسُّب ف يعَقْدِ الدَّيْن اهـ. والأول أصحّ. قال الخرشي: وتقييد اللخمي ضعيف. وفي حاشية العدوي عليه: والحاصل أنه لا يلزم بالتكسُّب ليدفعه لغرمائه في ديونهم، وأمَّا كونه يكتسب وينفق على نفسه فهذا يلزمه، ولا يُتْرَك له قُوته حيث كان كَسْبُه يكفيه، إلاَّ أنك خبير بأن اللخمي لم يقيد، بل قال لأن الغرماء عاملوه، أي داخلون معه على ذلك اهـ.

ولمَّا أنهى الكلام على ما يتعلَّق بأحكام تفليس المَدِين انتقل يتكلم على أحكام الصُّلْح وما يتعلَّق به فقال رحمه الله تعالى:

فَصْلٌ

في الصلح وأحكامه

أي في بيان ما يتعلَّق بأحكام الصُّلْح بين المتداعين في شيئ أو في حق. والصُّلْح لغة: قَطْعُ المنازعة، وعُرْفًا: انتقال من حق أو دعوى بعوضَ لِرَفْع نزاع أو خوف وقوعه. قال ابن رشد في المقدمات: روي أن كعب بن مالك تقاضي من سمعهما النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيته، فخرج حتى كشف سِجْفَ حُجْرَتِه، فنادى كعب بن مالك فقال يا كعب، فقال لبيَّك يا رسول اللَّه، فأشار بيده أن ضّعْ عنه الشطر، فقال كعب: قد فعلت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قم فاقضِه" اهـ نَقَلَه الحطاب. ثم اعلَم أن الصُّلْح ينقسم إلى ثلاثة أقسام: تارة يكون بَيْعًا، وتارة يكون إجارة وأخرى يكون هِبة، وذلك أن المصالح به إن كان ذاتًا فبيع، وإن كان منفعة فإجارة، وإن كان ببعض المدعى به فهبة. أمَّا حُكْمُه فالجواز مرجَّحًا إلى جانب الندب وقيل إنه مندوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>